السبت، 9 مارس 2013

حنين للجمال


عندي حنين ما بعرف لمين .. آه يا فيروز كم تسحرني أغانيكي وتصويراتها البديعة .. وانا مثلك عندي حنين ولكن اعرف جيدا لمين ولأيه ؟ لأيام الخير ولكل ما فيها من جمال وحب وتآلف بين المصريين ..
يشتد الحنين لهذه الأيام خاصة في ظل هذا الكابوس المفزع الذي يجثم على صدر الوطن ومحبيه ، ياربي مالي أنا ومال الأحداث السياسية اليومية ؟أليس من الافضل أن اظل عالكنبة ولا اشغل نفسي إلا بالمسلسلات التركي ! ولكنه داء حبك يا مصر يا معذبانا ! يحيرنا ويطير النوم من عيوننا ونقلق على مستقبل الأجيال الجديدة !
اشتاق بشدة أن احيا يوما من ايام زمان ،ليتني امتلك آلة الزمن لأعود لعصر الخمسينيات والستينيات ، إنه العصر الذهبي الذي حظي به شباب ذلك الجيل ، قبل أن يزداد عدد القادمين من الريف إلى المدن لنصل إلى ما وصلنا إليه الآن من تكدس في كل المدن بشكل مزعج وليختلط الحابل بالنابل حتى أصبحت العقلية الريفية تسيطر على نمط حياة بعض المدن مثل الإسماعيلية ومجتمع جامعة قناة السويس. فقد هالني  – منذ ابدأت حياتي المهنية – كم الازدواجية الواضحة في سلوك معظم من ينتمون لمجتمعنا الصغير ومحود النطاق في مدينتنا الهادئة ، تحديدا مجتمع الجامعة الذي أعيش فيه منذ أكثر من عشرة سنوات .. يااه إن الأيام تمروالعمر يجري دون ان يتيح لنا أحيانا فرصة أن نتوقف لنراجع حساباتنا وماذا طرأ على نفوسنا من تغيرات سواء كانت سلبا أو إيجابا ، ولكني توقفت كثيرا عند محطات في حياتي لأتساءل : ماذا حدث لنا كمصريين ؟ هل فعلا نسينا هويتنا الأصلية ؟
أعوذ بالله ،فعندما أتذكر هذا السؤال فورا يتبادر إلى ذهني  تيار الإسلام السياسي وسيرته التي تثير في النفس النكد والكآبة حيث تزداد يوما بعد يوم -من بعد انتهاء أحداث الايام الثمانية عشر الأاولى من الثورة في يناير 2011 - محاولاتهم السمجة بفرض نوعا مختلفا من الحياة على المصريين أكثر قتامة وسوادا مما كنا نحياه من قبل حتى في عز سطوة النظام الفاشي السابق في عصر مبارك ، وكأنهم منحوا أنفسهم – وبمنتهى الفجر- سلطة إلهية للوصاية على الناس خاصة الطبقات المهمشة بالمجتمع ،ورغم أن المصريين مشهورون بأنهم رغم معاناتهم يبرعون في انتشال الضحكة من وسط سحب الحزن المخيمة عليهم ،ينتصرون على النكد بالسخرية حتى من أعتى الطغاة، وياله من سلاح فتاك !
نأتِ هنا إلى بداية إحساسي بالاغتراب – ومن يشبهني من أبناء جيلي ممن ينتمون لنفس الطبقة - عن مجتمعي هذا بكل تناقضاته لنضع يدنا على اساس مشكلة الهوية ، كوني أنتمي لفئة العاملين في الحكومة فمعظم من ينتمون لها نازحين من الريف لا يتقبلون أهل المدن التي قدموا إليها ويحاولون فرض أسلوبهم المتسم بطابع الهمجية والتخلف الفكري عليهم ، من هنا يأت الصدام الفكري والثقافي ويظهر وبوضوح التباين في السلوواسلوب الحياة ، حيث تبنت هذه الطبقة المستحدثة التي ظهرت وطفت على السطح وبقوة منذ بداية الثمانينيات تفكيرا محافظا وتقليديا جدا ونحن كشباب نطلق عليهم لفظ (Vulger) حيث أنهم ورغم طول إقامتهم في المدينة يحرصون على لهجتهم وعلى اسلوبهم الريفي – بعيوبه قبل مميزاته -في التعامل اليومي . ولا يقبلون بسهولة من يختلف عنهم . لذا فقد وجدت نفسي في بداية حياتي المهنية مجبرة على التعامل مع هذه الطبقة ، وفوجئت أني أُعامل على أني قادمة من كوكب المريخ ، كنت وقتها غير محجبة ويغلب علي بحكم نشأتي وتعليمي الطابع المتمدن ، أثير الانتباه دون قصد بسبب مظهري وملابسي ،فتلقيت صدمة قوية  ربما ما زلت حتى الآن عاجزة عن التخفيف من أثرها ، وزادت الصدمة بعد تولي رئيس جامعة من الريف وأتى بأهله وعشيرته من قرية ما من القرى المجارة للمدينة ، وشاء قدري ان يتصادم هؤلاء معي عن عمد رغبة في فرض نفوذهم علي وعلى امثالي ممن يسمونهم بالمنفتحين وربما بالمنحرفين ! ، كنت لا أتم أي معاملة أو إجراء بالورق الحكومي دون ان ينظر إلي أحدهم ويسألني : إسمك بالكامل ، أرد بكل سذاجة : عبير سليمان ، فيكرر السؤال بسماجة : الثلاثي أو الرباعي ، ارد : .... عبد المالك ، لأفاجأ بسؤال يتكرر دائما : مسلمة ؟ أرد وأنا اكز على اسناني : لا إله إلا الله وما علاقة الديانة  بما اتيت من أجله ؟؟  هل تجرون علي بحثا اجتماعيا أو فحص هيئة ! كل هذا لأني غير محجبة ؟ وهل الأقباط من خارج مصر ؟ ماذا حدث لنا كمصريين ؟
وأعود لحالة الحنين وأسأل نفسي الآن : أيام زمان الستات مصر في مصر كن جميلات ، أشاهد صور عائلة والدتي وجدتي أرى أن السيدات كن فاتنات بحق ، لا حجاب ولا يحزنون ، ولم يكن هناك وقتها ظاهرة تحرش كما يحدث الآن وبهذا الفجور !! لماذا وجدت نفسي ارتدي الحجاب ؟ هل بسبب تكرار المواقف السخيفة والنظرات الجارحة من المحيطين ! للأسف نعم . وقد لبسته رغم أني اعلم جيدا أنه من الصعب تغيير عيوبك من الداخل بينما من السهل جدا ان تغير ملبسك
ورغم شعوري بالغضب والاشمئزاز من تعاملات هؤلاء الريفيين معي ومع زملائي ، خاصة أنها تتكرر بشكل متزايد في كل القطاعات وتحدث مع شقيقتي الاثنتين كون ليس منا اسمها فاطمة أو عائشة مثلا! مما جعل الفضول يتزايد معي وتتزايد وبإلحاح التساؤلات التي تدور في عقلي ، وهي كلها حول هوية بلدنا ؟ ومنذ ذلك الوقت شغلني جدا البحث عن جذور هذه الظواهر وأصل القضية ؟ ومنذ متى بدأنا نتوه ونبتعد عنم جذورنا وننسى من نحن ؟وهل جعلتنا التغيرات السياسية والاقتصادية الكبيرة التي طرأت على حياتنا في الأربع عقود الأخيرة هويتنا المتسامحة وتحولنا إلى مسوخ؟
ومنذ متى تغيرت طبيعة تكوين الطبقة المتوسطة حتى انقسمت هي الأخرى إلى شريحتين غير متجانستين مما أفقدها مقومات تماسكها ، حتى اختل توازن المجتمع اختلالا رهيبا وزادت الفجوة بين الطبقات لهذا السبب منذ أواخر السبعينيات . مما أدى لظهورهذه السلوكيات الشاذة الغريبة عن طبيعة المصريين ، فأصبح الكثيرين أكتر ميلا للعنف وهل نحن بحاجة لهذا التيار الإسلامي الرجعي بأفكاره الظلامية وأنصاره المتطرفون لكي يذكرنا بهويتنا العريبة الإسلامية  .
الحديث يطول عن هذه القضية لذاا زال له بقية في المقالات القادمة .

ليست هناك تعليقات: