الاثنين، 10 أكتوبر 2011

ابتسامة لا محل لها من الإعراب

أمضينا ومازلنا نمضي أياماً قاسية للغاية من تاريخ بلدنا ، تاثرت للغاية مما حدث بالأمس ، مشاهد مروعة ، أحداث دامية ، ماحدث تعجز الكلمات عن وصفه وليس أبلغ من أنه كابوس نتمنى ألا نراه ونعيشه مرة اخرى

شعرت وباختصار أننا نُعاقب على ثورتنا التي كان من أهم أهدافها التخلص من نظام حاكم مستبد وفاسد ، تسبب في شعورنا لمدة أكثر من ثلاثة عقود بالمهانة والقهر كما تسبب في تشويه هويتنا ،وفي ضياع شعورنا بالفخر بجذورنا الاصيلة الضاربة في أعماق تربة بلدنا مصر

كنت قبل 25 يناير انظر للأطفال الصغار في العائلة وأردد بيني وبين نفسي :" يارب يجعل ايامكم افضل بكثير من ايامنا ولا تشوفوا اللي شفناه من إهانة وسحق للآدمية والكرامة "

لماذا يستكثر علينا ابناء مبارك - وبعد كل ما حصلوا عليه من مكاسب في عصره - أن نحدد مصيرنا بعيداً عن أدواتهم القذرة المعروفة مثل البلطجة والإعلام الحقير وإثارة الإشاعات وإشعال الفتن بين جميع فئات الشعب المصري ، الذي اشتهر وعلى مر العصور بسلميته وعدم تعصبه ، والذي ضرب شبابه أعظم مثل في التحضر والذكاء الفطري والنقاء من خلال ثورته النظيفة التي استطاع بها التخلص من رئيس تعامل مع بلد بحجم مصر على أنها ملكية خاصة به وبعائلته وزبانيته من السياسيين الفاسدين والقوادين الفصحاء، فأضاع هيبتها ومكانتها

مثل كثير من المصريين أمضيت الليلة السابقة في بكاء وحزن ،شعرت بمدى قسوة الضربة الموجعة لثورة هدفها أن تعيش مصر تجربة ناجحة للتحول الديمقراطي الذي سينقلها - إن شاء الله - لتتبوأ مكانتها الجديدة بين الدول المتقدمة وتستعيد ريادتها المفقودة

ثم مررت اليوم صباحاً بموقف بينما كنت بالصدفة في مكتب إحدى زميلاتي في العمل ، وجدت واحد من الموظفين الذين يحتلون مكانة هامة لدى رئيس الجامعة السابق يدخل ويتحدث إلينا بكل وقاحة (وقد كان متواجدا معنا اثنين أو ثلاثة من زملائنا)ليقول وهو مبتسما ابتسامة سخيفة وباردة :" فيه مسيحيين هنا ، عايز اشتم براحتي " وختمها بضحكة حمقاء . قلت :" اسمي عبير سليمان وكان كل من يتعامل معي قبل الحجاب يظنني مسيحية " ثم اشحت بوجهي عنه ، وبصراحة لو كنت رجلاً لكنت اتخذت ضده رد فعل أشد واقوى لكنني فضلت ألا أنساق في حوار مع شخص بهذه التفاهة والاستخفاف بالآخرين ، ثم من اعطى له هذا الحق في التطاول ، ثم قلت لنفسي : "وما الغريب في هذا أما إني غبية فعلا هل نسيت من هو هذا الشخص صاحب الابتسامة الصفراء المليئة بالخبث وسوء النية "إن رئيس الجامعة السابق يعتبره الابن البار له ،

لا لتميزه في عمله لا سمح الله أو لحسن خلقه ، ولكن لأنه يقوم بعمل البصاص والجاسوس على زملائه وينقل كل ما يراه بأدق تفاصيله إليه وبالتالي لم يستطع الرئيس بالإنابة التخلي عنه لأهميته ومهارته في أداء هذه المهمة الدقيقة،

إنه من المؤسف أن يتخذ استاذ جامعي ابنا له من هذه النوعية البشرية الحقيرة لمجرد أنه ينقل أخبارا أو ينجز مصالح (ربنا وحده اللي يعلم نوعها)وهذا الشخص وأمثاله على أتم استعداد لعمل اي شيء للحفاظ على مصالحهم

لنا الله هو القادر على انتشالنا مما نعاني منه ، يارب احفظ بلدنا وطهرها من أعدائها الذين يريدون إحراقها إن تكن خالصة لهم .. حسبي الله ونعم الوكيل