الاثنين، 5 سبتمبر 2011

الحقنا يا ريس .. المركب بتغرق

يستفزني جدا ترديد الناس لجمل مثل : الدولة بتنهار من ساعة ما الريس تنحى ، يا فرحتنا بالثورة واللي كسبناه من وراها .
وبالذات بعد ترديد أخبار جرائم القتل وتثبيت الناس في الشوارع لسرقة هواتفهم المحمولة ونقودهم وسياراتهم ، وتحديدا تلك التي تتردد كثيرا هذه الأيام عن حوادث السرقة والخطف والتثبيت التي تتم على الطرق السريعة . هذا غير حوادث التحرش والاعتداءات اللفظية والاشتباكات بالأيدي والأسلحة ، وانتشار ظاهرة المخالفات المرورية بشكل فاجر ومستفز .
وما يستفزني أكثر هو إصرار هؤلاء الناس على أن عصر مبارك كان الأفضل والأكثر أماناً ، لقد قال أحدهم لي بالحرف : " هل هذا ما كنتم تريدون تحقيقه أيها الثوار أن تنهار الدولة ؟ ، وارتدى الشخص فجأة قناع الحنان والأبوة الزائفة ليهمس لي قائلاً: إن من يحب بلده لا يرضى أن يعاني من هذا الخلل الأمني الرهيب ، لقد كنا آمنين مطمئين ثم جائت ثورتكم لتطيح بالرئيس و مازلتم لم تكفوا بما حققتموه بل تريدون للدولة أن تنهار بالكامل ، إن هذا يتنافى مع الوطنية ."
طبعاً شكرت السيد الفاضل على غيرته الشديدة على الدولة - التي هي بالنسبة له ممثلة في شخص المخلوع- ولكن أصريت في النهاية على التأكيد على أن مصر ليست لا مبارك ولا غيره ، وقلت : "إن الدولة فعلا تنهار والفضل في هذا الانهيار يرجع لمبارك ونظامه الفاسد" وابتسمت ببرود وعدت لأكرر : "الله لا يعيد أيامه ويخلصنا من ذيوله " وقلت :" لا تنس تفجير كنيسة القديسين وأنها حدثت في عصره الأسود هذا غير حوادث أخرى سابقة لها ، ولم نره وقتها حرك ساكناً بل اكتفى بأن حافظ على العادلي في الوزارة بدلا من إقالته ، وتركه يخرج لسانه لكل المصريين ويسلط سيف الأمن المزعوم على رقابهم ، وكأنه يقول : لاقيمة لكم عندي ومهمتي الوحيدة كوزير داخلية هي حماية السلطة ومواكب الرئيس وعائلته ووزرائه ، وتهيئة المناخ لتوريث العزبة لجمال مبارك !!!
هل هذا هو مفهوم الأمن الحقيقي ؟ وهل مهمته فقط هي حماية الرئيس وحاشيته الفاسدة ، ليس هذا فقط بل أيضا الدخول في صفقات مشبوهة لشراء سلاح يفتك بالمواطنين إذا تجرؤوا وعارضوا النظام الفاسد ؟ وهل من العدل أن تخصص الضرائب -التي يدفعها المواطنين من دمائهم وعرقهم - لشراء أجهزة التصنت وتدريب القناصة على قتلهم ، ولإعطاء رواتب للضباط مقابل إرهابهم وإهانتهم ، بدلاً من أن تخصص لحمايتهم والحفاظ على أرواحهم وممتلكاتهم ؟
لقد حدثت عدة مواقف خلال السنة الماضية تثبت أن جهاز الشرطة في مصر في أجازة مفتوحة منذ زمن من مهمته الأصلية ، وتفرغ فقط لإرهاب وترويع المواطنين والتنكيل بالمعارضين ، أولها ما حدث أوائل العام الماضي في مكان عملي (جامعة قناة السويس) من سرقة 50 وحدة تشغيل خاصة بأجهزة الحاسب الآلي في مركز تعليم اللغة الصينية (كونفوشيوس) وتم تسريبها ليلاً ، في ظل وجود حرس الجامعة ، ولم يتم بشأن هذا الحادث اي جديد منذ ذلك الوقت ، ومن المؤكد أنها قيدت ضد مجهول ، والنتيجة أن خزانة الدولة بالطبع تكبدت الخسارة الناتجة عن هذا الإهمال الجسيم .
ثاني هذه الحوادث كان عندما استقيظنا كلنا في البيت قبيل فجر يوم 2-1-2010 ( ثاني يوم تفجير كنيسة القديسين) على كابوس سرقة سيارتنا من أمام البيت .
وما يثير في نفسي الغيظ والسخط هو رد فعل النجدة عندما هاتفتها شقيقتي لتفاجأ بمن يرد عليها قائلاً :" انتي بتهرجي اقفلي أحسن لك "
عندما ذهب أبي للقسم لم يجد أحدا ليعمل محضراً بإثبات الواقعة ، واضطر للعودة إلى القسم في الظهر حتى يجد الضابط ويسجل المحضر ويقدم بلاغ بالواقعة .
وإلى الآن لم يتم اي جديد ..
وحدثت الثورة ، وتأكدت من ظهر يوم جمعة الغضب أن هذا اليوم سيكون يوماً غير عاديا ، وصدق توقعي في المساء عندما حدثت الخيانة ، وانكشف القناع عن حقيقة هذا الجهاز ، وقام المصريون بتنظيم أنفسهم في لجان شعبية لحماية منازلهم ، وبعد هذا اليوم بيومين وأثناء وجود اللجنة الشعبية أما منزلنا والمكونة من أبي وشقيقي وجيراننا والغفراء الموجودون في المنطقة مرت سيارة وعندما قاموا بإيقافها للتأكد من هوية صاحبها قام بسبهم ولعنهم ورفض إظهار هويته لهم ، فقاموا بتهديده واستدعاء أحد أفراد الجيش وأطلقت أعيرة نارية في الهواء لتخويفه ، ثم اتضح أنه واحد من افراد جهاز الشرطة المنحرفين الذي اتضح انه في قمة الجبن والخسة وفر هارباً بعدما هشموا له سيارته بالشوم !!!!!
لا تستطيع اي دولة في العالم الاستغناء عن الشرطة التي وصفها كاتبنا الرائع د.المخزنجي بجهاز المناعة ، ولكن لابد أن تعود الشرطة لعملها باسلوب ومنهج جديد ، هذه العودة مرتبطة بعناصر هامة جدا منها تحكيم كل فرد في هذا الجهاز لضميره عند التعامل مع المواطن المصري وضرورة أن يفرق بين الشريف والبلطجي ، وأن يعاد النظر في عملية توزيع الرواتب في هذا الجهاز بما يحقق للعاملين بهذه الجهاز العدالة الاجتماعية المطلوبة ، وتغيير السياسات والمناهج واساليب تدريب الأجيال الجديدة من ضباط وعساكر الشرطة .
أتمنى أن تعود الشرطة للعمل بالكفاءة المطلوبة .. وأتمنى أن تتوقف هذه النغمة النشاز التي يعزفها فلول مبارك ونظامه ..
والترويج لعودته الغير ميمونة .. مش رجعته دي اللي حاتمشي المراكب الواقفة .. ماهو بالعقل كده واحد بقاله 15 سنة واكتر بيغرّق في البلد هو وشلة الحرامية والزبانية اللي محاوطينه ، دلوقتي هو اللي حاينقذها؟؟؟؟
ارحموا أهالينا ..