الثلاثاء، 25 يناير 2011

جدل الحدث التونسى وأجراسه - فهمي هويدي - مقالات وأعمدة - جريدة الشروق

جدل الحدث التونسى وأجراسه - فهمي هويدي - مقالات وأعمدة - جريدة الشروق

متى نكسر قيدنا الداخلي أولاً؟

وضعت د.نوال السعداوي يدها اليوم على حقيقة مرة جدا وهي أننا للأسف كنساء في مجتمعات شرقية - وانا واحدة منهن- مازلنا للأسف نرزح تحت قيود عائلية وأسرية ثقيلة وشديدة الوطأة ، فمتى نكسر هذه القيود نتمكن وقتها من الخروج لنيل حريتنا كمجتمعات مقهورة ومكبوتة ؟؟؟؟؟
كيف أخرج أنا ومن مثلي من النساء لننال لمجتمعنا حريته ونحن عاجزات عن نيل حريتنا الفردية واستقلالنا فكرياً ومادياً عن عائلاتنا بما ورثوه من تقاليد وعادات بالية ، فأنا منذ تخرجي من الجامعة 1998 صودرت حريتي تحت ظل كل المزاعم الفارغة والسخبفة الآتية :
  • إن السعي من أجل إيجاد فرصة عمل خارج مدينتي الصغيرة ماهو إلا جحود بالنعمة وعدم رضا بالحياة التي المترفة التي يمنحها إياي والداي وبالتالي فهو عند الله يعتبر عقوق بالوالدين أستحق عليه الحرق في نار جهنم في الآخرة.
  • " البنت في النهاية ليس لها إلا بيتها وجوزها ومن تخرج عن هذا الإطار فهي فاجرة وفاسقة ومنحلة وبنت .... " لذا فأي عريس يأتي لا بد أن تثبت له ومن البداية أنها عجينة طرية قابلة لأن يشكلها حسب هواه(حتى لو كان ما سيأمرها به لاحقـاً فيه معصية لله ).
  • أن البنت إذا رفضت هذا السيد الذي يأتي ليستعبدها تحت اسم الزواج _ الذي هو من المفترض علاقة راقية وقائمة في أساسها على الاحترام المتبادل والتعاون من الطرفين في مواجهة مختلف ظروف الحياة - توضع تحت الحصار الاقتصادي ويمنع عنها المصروف وتوضع تحت قائمة الممنوعين من استكمال أي مشروع دراسي والسفر للخارج (خارج المدينة الصغيرة) ، حتى تضطر في النهاية إما إلى الرضوخ للأمر الواقع بكل مرارته أو أن تتحول لمريضة نفسية ، وشخصية غير سوية ناقمة على كل من حولها.
  • كدت أنسى الناحية الدينية التي يستغلها التيار الديني والدعاة الجدد ، فهم في خطابهم لا ينسون ابداً تذكرة الشابات بطاعة الله ويركزون في ذلك على محورين وهما الحجاب والصبر على المكاره لحين أن يأتي الفرج من عند الله تعالى مقدما لنا على طبق فضة ، دون ذكر ان الفرج حتى يأتي يحتاج لسعي واجتهاد وأن الحجاب ليس هو أساس التقوى بل هو خطوة متممة لأشياء كثيرة جدا يجب أن تسبقه ، وهي الصلاة في أوقاتها والاجتهاد في اكتساب مهارات جديدة سواء بالقراءة أو بعمل دراسات عليا وغيرها ، والعمل والسعي من أجل الرزق الذي هو عبادة .
في النهاية فإننا - وبالذات كمصريين- حتى نتأهل للخروج من أجل نيل حرياتنا كشعوب ، يجب أن تتغير أفكارنا وأن ينضج وعينا السياسي والاجتماعي ، ولابد أيضاً أن يتغير اسلوب حياتنا ومنطقنا في الحكم على كثير من أمور حياتنا ، يجب ان تتغير ثقافة مجتمعنا ، ونتغلب على ظواهر سلبية كثيرة تفشت كالوباء أهمها ظاهرة التدين السطحي ونظرة المجتمع إلى المرأة وبالذات نظرة الجهلة والمتطرفين الذين لاينظرون إلى المرأة إلا على أنها جسد ووسيلة للمتعة والإنجاب وفقط ..

الجمعة، 21 يناير 2011

ساحر الصحراء - باولو كويلهو

اقوال ماثورة من الرواية :-
"إذا بدأت تَعِد بما لا تملك بعد فستفقد الرغبة في العمل للحصول عليه"
"إن اتخاذ قرارٍ ما ما هو إلا بداية الأشياء . وعندما يتخذ المرء قراراً فهو في الحقيقة يلقي بنفسه في خِضم تيار عارم يتقاذفه إلى أماكن لم تخطر له إطلاقاً لحظة اتخاذ القرار"
" إذا كان القادم خيراً فيفضل أن يكون مفاجأة سارة وإن كان القادم شراً وعرفته مسبقاً، فستعاني الكثير قبل وقوعه"
" إن ما ينقصك معرفته هو : قبل أن يتحقق حلم ما، فإن روح العالم تختبر كل ما تم تعلمه على مدى الطريق. وهي تفعل ذلك ليس مكيدةً أو شراً ، بل لكي تمكننا- إضافة إلى تحقيق أحلامنا - من أن نستوعب الدروس التي تعلمناها ونحن في الطريق إلى تلك الأحلام وتلك هي اللحظة التي تقول عنها بلغة الصحراء : يموت المرء عطشاً لحظة ظهور نخيل الواحة في الأفق . إن كل مسعى يبدأ بحظ المبتدئين وينتهي بالاختبار الصعب للغالب"
أصعب اللحظات التي نعيشها هي وقت اكتشاف أننا خدعنا ، وقتها نواسي أنفسنا بأن نقول " نحن نختلف عن الآخرين حيث نرى الدنيا على نحو ما نرغب أن تكون وليس على ماهي عليه حقاً"
" إذا كان ما يعثر عليه المرء مكون من معدن خالص فإنه لا يبلى أبداً وسيكون في وسع المرء دائماً أن يعود ليجده، أما إن كان مجرد ومضة ضوء كشهاب نجم يهوي ، فلن تجد منه شيئاً لو عدت إليه"

الخميس، 20 يناير 2011

وهل لمثله ندامة

بقلم د.محمد المخزنجي الشروق 2011
كسر قلبى البشرى بهوانه وانكساره كبشر، فرجعت إلى عقلى لأرمم القلب، ولم أجد ما يدعم الترميم إلا صفحة من كتاب الحشرات!

لقد بدا شديد الانكسار وهو يلقى خطابه الأخير الذى تناقلته فضائيات العالم. لم تستطع صبغة الشعر فاحمة السواد، ولا هالة السلطة، ولا المنصة الرئاسية، أن تخفى وهن جسمه المُسن المريض داخل ثيابه الأنيقة الفخمة، وخلف «مكياج» الإطلال عبر الشاشات.. كلها عجزت عن مداراة مهانة استجدائه أن يظل فى الحكم سنتين أخيرتين، سنتين فقط، وقد أوشك وهو يستجدى البقاء أن يقسم بأنه «فهم»، فهل كان يعنى أنه فهم رسالة ملايين الثائرين فى الشوارع ضد صفعة شرطية وضيعة مستقوية بانتمائها لسلطته القامعة على وجه مواطن بسيط؟

مواطن حر، لم يستطع رد الإهانة ولا احتمالها، فأشعل النار فى نفسه، وألهبت نيران احتراقه غضب الملايين الكامن والمتراكم عبر ثلاثة وعشرين عاما حكم فيها البلاد بقبضة من الحديد والنار والأكاذيب والفساد والرصاص.

ثلاث وعشرون سنة سمح فيه لدويدات من حثالة البشر أن تحيط به، وتتشارك معه، وتنهب فى ظله، أو تنهب له، ففاق الفساد حدود التصور، زوجة متسلطة تفرض نفوذها على أمة وتملأ خزائن ثروتها وثروة أهلها من جيوب هذه الأمة، وأصهار وحاشية وأتباع ومنتفعون أعماهم الاستقواء بسلطته أنيقة المظهر متوحشة الحقيقة، فعاثوا فى البلاد جرادا عجيبا أتى على خضرة البلد الأخضر فأقحلها بقتل الأراضى الزراعية وتحويلها إلى منتجعات تدر ربحا أسرع وأفحش مما تدره زراعة الأرض.

دويدات بشرية صارت بمعيته يساريع متوحشة، وكان لابد من بقائه لتدوم لهم السطوة الفجَّة والثروة المنهوبة، فشرعوا فى حملات الترويج لاستمراره رئيسا، أو امتداده توريثا، ولو عبر زوجة لها ظاهر امرأة وباطن وحش، أو صهر مدجج بالنفوذ والفلوس، فلم يكن له من الأبناء من يمكن وضعه فى سُدَّة الحكم.

كانت استباحة البلاد فاضحة، والقهر كثيف التراكم، والسخط ينتظر الشرارة، وعندما أخرج الوهج ملايين الساخطين من صمتهم ودفع بهم إلى الشوارع بادرتهم هراوات زبانيته وركلات أحذيتهم الثقيلة وقنابل الغاز والرصاص الرصاص الرصاص، عشرات الشهداء لم تنجُ حتى جنازات تشييعهم من قنص الرصاص، فبلغت الروح الحلقوم، وصار الموت جادة الحياة، فهل كانت هذه هى الرسالة التى أومأ فى خطابه بأنه فهمها وهو يستجدى البقاء؟ وهل كان صادقا وهو يوحى بأنه فى مهلة بقائه سيصلح ما أفسده النهب والقهر؟

أعترف أننى عاطفى لدرجة لا معقولة غالبا، وكثيرا ما ينخدع قلبى، لهذا يسارع عقلى بالهمس: احترس، وقد سمعت هذا العقل إبان مشاهدتى لخطاب توسل الطاغية المكسور يعاود تنبيهى بالاحتراس، ويذكرنى بأمثولة حشرة، نعم حشرة!

فمع نمو معظم الحشرات يحدث لها تغيُّر يُسمَّى التحول أو الانسلاخ أو المَسخ Metamorphosis، ويكون التحول أو الانسلاخ أو المَسخ تاما فى دورة حياة بعض الحشرات ومنها الفراشات البيضاء الكبيرة ودبابير النمس التى ستعطينا الآن العظة، فكلاهما تبيض ومن البيض تخرج يرقات دودية أو يساريع كتلك التى نسميها دود الحرير، ولا وظيفة لها جميعا إلا أن تأكل بشراهة مما تتطفل عليه لتنمو بسرعة، ثم تدخل فى أوج نموها حوافظ أو شرانق وتكمن فيها، تسكن وتجمد فى طور يسمَّى «الخادرة» فتبدو كما المومياوات، وداخل جلود أشباه المومياوات هذه يحدث التحول التام، فيتفكك جسمها ويُعاد تركيبه لتصير فراشات أو دبابير، تبعا لنوعها.

اليساريع الخارجة من بيضات الفراشة البيضاء تتطفل بشراهة على أوراق النباتات لتنمو بسرعة ثم تتوارى فى مأمن وتتشرنق وتدخل فى طور الخادرة، لكن يحدث قبل تشرنقها أن تهبط على بعضها إناث دبابير عجيبة تُسمَّى دبابير النمس، تخرج من مؤخرة كل دبورة قناة طويلة تُسمَّى قناة البيض، تشبه حفَّار المثقاب، وهى قوية إلى درجة قدرتها على اختراق لحاء الشجر للوصول إلى اليساريع المتوارية خلفه. تخترق قنوات بيض دبابير النمس جسم يساريع الفراشة البيضاء الكبيرة، وعبر قنوات البيض الخارقة الثاقبة تزرع الدبورة حوالى عشرين بيضة فى أحشاء كل يسروع ثم تنسحب.

داخل جسم اليسروع تفقس بيضات الدبابير، وتخرج منها يرقات طفيلية شديدة الشراهة، تلتهم الأعضاء الداخلية لليسروع ولا تُبقى منها إلا القليل من الأنسجة التى تكفى لتأجيل موته بعض الوقت، فاستمراره على قيد الحياة مطلوب لها ولو شبه ميت. فهى بعد أن تشبع من أحشائه تشق جدار جسمه المفرغ وتغادره لتغزل حول نفسها شرانق متجمعة فى عنقود يتدلى من ورقة النبات الذى يحتملها ويحتمل اليساريع، وداخل عنقود الشرانق المعلقة تتحول يرقات الدبابير إلى خادرات.

وبدلا من أن ينتقم اليسروع الميت الحى من آكلى أحشائه وقد صاروا أمامه خادرات، أو حتى يجافيهم، يندفع بآخر ما تبقى لديه من حياة، ويغزل شبكة حريرية واقية حول عنقود شرانقهم، يثبتها على ورقة النبات التى يتدلى منها العنقود حتى لا يسقط، ويظل جاثما لحراستهم بآخر ما تبقى فى جسمه من قدرة على الحركة، فيُبعد عن يرقات الماضى ودبابير نموس المستقبل أى حشرة غريبة طامعة فى التهامهم. يحميهم حتى وهو يحتضر!

سلوك غاية فى الغرابة لم أجد له تفسيرا، إلا أن يكون اليسروع الذى هو متطفل أصلا، قد تسمم بالتآلف مع تطفل تلك الدويدات التى عششت فى جوفه وأكلت أحشاءه، فما بالنا بمثل صاحبنا، الذى لم تهاجمه الطفيليات البشرية المنافقة الكاذبة الناهبة النهمة بأية مثاقب، ولا بذرت فى جوفه بالغصب دويداتها، بل هو الذى سمح لها بالتقرُّب منه والإحاطة به، ليكوِّن من زمرتهم حاشية وبطانة وجوقة وتابعين. تساهل مع شراهتم فى الفساد والكذب والخداع ليكونوا مقامع يقهر بها كل من يهدد كرسيه، خاصة وقد كان هؤلاء لا يأكلون أحشاءه هو، بل أحشاء أمة وقلوب شعب.

هل كان لمثله أن يسلك سلوكا مختلفا عما انتهت إليه تلك اليساريع لو أنه نال فسحة من الوقت يحتفظ خلالها بمكانه فى سدة الحكم؟ هل كان صادق الندامة وعازما على التغيير والإصلاح كما ادَّعى لو أنه مُنح الفُرصة الأخيرة التى ترجَّاها فى خطاب انكساره؟

إن صفحة من كتاب الحشرات رمَّمت انكسار قلبى البشرى على انكساره وهوانه كبشر، وفى ضوء هذه الصفحة لاحت لى الإجابة عن أول وآخر الأسئلة، فهل لاحت لكم؟
المقالة على الرابط التالي :


الاثنين، 17 يناير 2011

سأحطم الحجر، وأنفذ خلال الصخور

اقوال مأثورة وأبيات شعر للشاعر الهندي طاغور

نال طاغور جائزة نوبل في الآداب عام 1913.

كان يقول عن نفسه: "سأحطم الحجر، وأنفذ خلال الصخور وأفيض على الأرض وأملأها نغماً سأنتقل من قمة إلى قمة، ومن تل إلى تل، وأغوص في واد وواد، سأضحك بملء صدري وأجعل الزمن يسير في ركابي" وكان يتمتع بالحكمة ويدعو لنبذ العنف من أقواله الشهيرة نقرأ:

- الغاية في الحب ليس الألم أو الفرح ولكن الحب!

- إن أبلغ درس يتعلمه الإنسان من الحياة هو أنه ليس هناك ألم لايستطيع المرء أن يتخلص منه بعد فترة معقولة من الزمن أو أن يصادقه ويتعايش معه أو يحيله الي أنس وسعادة بشيء من سعة الأفق وعمق البصيرة.. والنظرة الشاملة للحياة التي تري كل مافيها من جوانب، فالسعادة والألم ولا تتركز فقط علي أحزان الإنسان الخاصة.

- شكراً للأشواك علمتـني الكثير.

- من السهل هدم الحرية الداخلية الإنسانية باسم الحرية الخارجية.

- ندنو من العظمة بقدر ما ندنو من التواضع.

- إذا أغلقتم كل أبواب الأخطاء فإن الحقيقة ستظل خارجا.

- الحب يلمع كلؤلؤة في ظلام القلب البشري.

- بعضهم يعبر الحياة...كالطفل الذي يقلّب صفحات كتاب مقتنعاً أنه يقرأ فيه.

- الفشل هو مجموعة التجارب التى تسبق النجاح.

- أفضل حماية للإنسان كما للحشرة أن يتلون بلون محيطه.

- آمن بالحب ولو كان مصدراً للألم ولا تغلق قلبك.

- لا تستطيع أن تقلع عبير زهرة حتى ولو سحقتها بقدميك.

- المسافر عليه أن يطرق كل الأبواب قبل أن يصل إلى بابه.

- سأل الممكن المستحيل أين تقيم فأجاب: في أحلام العاجز.

- هل عندكم غبار في عيونكم؟ إذن من الأفضل عدم فركها. وإذا جرحتم بكلمات فمن الأفضل عدم الإجابة.

- أنا لا أريد الطمأنينة العفنة فانني أسعى للبحث عن شباب دائم.

- ثقيلة هي قيودي.. والحرية كل مناي، وأشعر بخجل وأنا أحبو إليها.

- في ابتسامة المرأة، عظمة الحياة وجمالها وفي عينيها، دهاؤها وعمقها.

- متى أحبت المرأة، كان الحب عندها ديناً، وكان حبيبها موضع التقديس والعبادة.

- أنر الزاوية التي أنت فيها.

ومن دعاء طاغور:

لا تجعلني جزارا يذبح الخراف ولا شاة يذبحها الجزارون، ساعدني على أن أقول كلمة الحق في وجه الأقوياء

ولا أقول كلمة الباطل في وجه الضعفاء

وأن أرى الناحية الأخرى من الصورة ولا تتركني أتهم أعدائي بأنهم خونة في الرأي.

إذا اعطيتني مالا فلا تأخذ سعادتي، وإذا أعطيتني مالاً فلا تأخذ عقلي،

وإذا أعطيتني نجاحاً فلا تأخذ تواضعي، وإذا أعطيتني تواضعاً فلا تأخذ اعتزازي بكرامتي.

علمني أن أحب الناس كما أحب نفسي وأن أحاسب نفسي كما أحاسب الناس،

وعلمني التسامح من أكبر مراتب القوة، وأن حب الانتقام هو أول مظاهر الضعف،

فلا تدعني أصاب بالغرور إذا نجحت ولا باليأس إذا فشلت بل ذكرني دائماً أن الفشل يسبق النجاح،

وإذا جردتني من النجاح فاترك لي قوة أن أتغلب على الفشل.

وإذا جردتني من الصحة فاترك لي نعمة الإيمان، وإذا أسأت إلى الناس فاعطيني شجاعة الاعتذار،

وإذا أساء لي الناس فاعطني مقدرة العفو،

وإذا نسيتك فلا تنسني يارب من عفوك وعطفك وحلمك فأنت العظيم القهار القادر على كل شيء.

ويصف نفسه قائلا:

أنا هذا البخور الذي لا يضوع عطره ما لم يُحرق

أنا هذا القنديل الذي لا يشع ضوؤه ما لم يُشعَل

- يقول طاغور مخاطبا الموت: "يوما بعد يوم سهرت في انتظارك، من أجلك تذوقت هناءة الحياة وعانيت عذابها".

ويقول مخاطبا وطنه: "إيه يا وطني، أطلب إليك الخلاص من الخوف، هذا الشبح الشيطاني الذي يرتدي أحلامك الممسوخة، الخلاص من وقر العصور، العصور التي تحني رأسك وتقصم ظهرك، وتصم أذنيك عن نداء المستقبل".

- من أجمل قصائد طاغور

لما تسمعين الضحكات

ستذكرين دموعي..

ولما ترين الغدر

ستذكرين وفائي..

ولما تشعرين بقسوة البشر

ستذكرين شفقتي

وستبكين

كما بكيت أنا من قبل

وسيغدر بك الزمان

كما غدرت بي

وسيقسو عليك البشر

كما قسوت عليّ

تلك نبوءتي

يا طفلتي المسكينة

فليتها كاذبة

وليتك لا تذكريني

فإن في ذكراي

شقاء وحسرة


السبت، 15 يناير 2011

بلطجية في زمن الديموقراطية

طالما تمنيت خوض تجربة أن اتحول لشبح ، وبالذات شبح البلطجي المرعب وتخيلوا معي امرأة تحولت لشبح بلطجي أو بلطجية على غرار خالتي فرنسا مثلاً أو نشالة تائبة أليست تجربة فريدة مهما كانت العواقب في حال اختلاف الزمن

فالهوة شاسعة جدا بين وجود البلطجي في بيئة صالحة وبين بيئة غير صالحة وأجواء غير ملائمة لكي يترعرع بلطجي صالح وعلى حق ..
ولأن من يومي لست محظوظة فقد شاء حظي السيء أن أجد نفسي بلطجية في زمن الديموقراطية والعدالة ، وإليكم تجربتي الفريدة مع واحد من معارضي هذا الزمن :
جاءني زائر متخفي في الظلام ليطرق باب بيتي المتواضع ليلاً وعرض علي مبلغ مالي كبير مقابل إفساد الجو على الناخبين في المعركة الانتخابية التي ستدور غدا مع منافسه القوي المحتمي بشعبيته الكبيرة ودعم الحزب الحاكم (لا تنسوا هنا أن الحكومة ديموقراطية وتدعم التعددية الحزبية)
سألت نفسي أعمل ايه يا بت يا نوسة ، ده الحال غير الحال واحنا البلطجية سوقنا واقف من كام سنة ، والعملية مأشفرة عالآخر وأوطى من الموس عالأرض ، ياللا أتكل على الله وآخد الفلوس حايحصل ايه يعني البوليس حايمسكني ، مانا واخدة على كده وبعدين دول زملاء في المهنة يعني مش حاتبهدل اوي ، دول كام قلم على كام شلوت وضربتين عالقفا واحنا قفانا استحمل كثير ماجتش من يوم ولا يومين حبس . مابداهاش استعنا عالشقا بالله
ايه ده دا اللجان مش هيه !!،شفت من بعيد الناس واقفة في طابور وكل واحد يدخل لوحده ، وسمعت قال ايه ان فيه ستارة جوه كل اوضة قال ايه لضمان السرية والنزاهة واسمها ايه دي الشفافة ، يانهارك اسود يا نوسة حاتعملي ايه ، حتى الضباط غيروا صنعتهم ، واول ما دخلت الضابظ وقفني وقاللي معاكي بطاقة ، ولما طلعتهاله قاللي مش دي وان النظام اتغير .. يادي الحظ المهم جريت منه وحشرت نفسي بين الستات اللي واقفين في طابور بس ولاد الذينة هرشوا الملعوب ونادوا عالضابط اللي كان وصل فعلاً وشدني بالعافية وثواني ولقيت البوكس جاي في ثانية يقبض عليا
آه ياني بقى انا نوسة اتعامل المعاملة دي انا العسكري اللي كنا زمان صحاب انا وهوه يضربني ويبهدلني ، ولسه كله كوم ولما وصلت القسم كوم تاني ضرب وشتيمة ، ودخلوني في اوضة الحبس عشان ألاقي شلة ستات زمل كل واحدة نصيبها من الضرب وقلة القيمة ..
ساعات عدت عليا قمت على خبط جامد بعصايا على كتفي والعسكري بيقول لي :قومي يا ولية الضابط عايزك في كلمتين .. وانا خارجة من الزنزانة حلفت لأودي الراجل اللي عمل فيا كده في ستين داهية وحافتن عليه واديله فلوسه على الجزمة ، هو فاكر ان مصر زي زمان ولا ايه ؟
ومن أول سؤال من الضابط خريت بكل حاجة ، خرجوني .. اتشهدت على نفسي وقلت توبة من السكة دي ..
أمال لما كانوا زمان بيقولوا " نعيش أزهى عصور الديموقراطية " كانوا بيضحكوا علينا ولاد ال........

بلطجية في زمن الديموقرا

طالما تمنيت خوض تجربة أن اتحول لشبح ، وبالذات شبح البلطجي المرعب وتخيلوا معي امرأة تحولت لشبح بلطجي أو بلطجية على غرار خالتي فرنسا مثلاً أو نشالة تائبة أليست تجربة فريدة مهما كانت العواقب في حال اختلاف الزمن
فالهوة شاسعة جدا بين وجود البلطجي في بيئة صالحة وبين بيئة غير صالحة وأجواء غير ملائمة لكي يترعرع بلطجي صالح وعلى حق ..
ولأن من يومي لست محظوظة فقد شاء حظي السيء أن أجد نفسي بلطجية في زمن الديموقراطية والعدالة ،

الجمعة، 7 يناير 2011

البحار المغادرة قصة قصيرة د.أيمن الجندي

كان يقود سيارته فى طريقه إلى الإسكندرية.

اختلس النظر إلى السيدة الجالسة بجواره. واخترمه شعور داهم بعدم الارتياح. إنها زوجته وقد تم عقد القران اليوم، لكنها لاتزال غريبة عن عالمه.

فليسرع.. الطريق يبدو طويلا كتلك القبة الزرقاء الداكنة من فوقه. والليل قد اشتد إظلامه. هو يمقت القيادة ليلا ولطالما حذرته زوجته ألّا يقود فى الليل.

أفلتت آهة من داخله، وتساءلت السيدة الجالسة بجواره (يعنى زوجته) عما دهاه، فلم يرد وإنما شرع يُسرع.

ها هو يعاود التفكير فيها. يجب ألّا يفكر فيها هذه الليلة بالذات. ليلة عرسه. ابتسم فى سخرية ثم راح يفكر فيما ينوى القيام به.

فى البدء عليه أن يجد فندقا ملائما للمبيت. إن معه سيدة (يعنى زوجته) وبالتأكيد تصبو إلى قضاء شهر العسل بأحد الفنادق الفاخرة ذات النجوم الخمسة.

زوجته لم تكن تبالى قط بأعداد النجوم، وكيف تبالى الشمس بالنجوم الشاحبة؟

سحقا. لماذا يعاود التفكير فيها؟

فليسرع.. ليسرع.

والتفت إلى السيدة الجالسة جواره، محاولا أن يجد مدخلا للحديث دون جدوى.

لم يكن الحديث ينقطع مع زوجته. كان صفحة مفتوحة أمامها. هى لم تقرأها فحسب وإنما خطت بقلمها الساذج أعذب الأشعار. هى لم تنجب حمادة فحسب وإنما أنجبته أيضا، ولذلك كانت تعنى به وتغفر له كما تفعل الأم بطفلها.

ألن يكف عن الهذيان؟ ماذا لو اطلعت هذه السيدة الجالسة جواره على أفكاره؟! ألن تشعر بالإهانة؟! أغلب الظن أنها لن تبالى. لن تزعم حبه وهى التى لم تعرفه إلا من يوم واحد. لم يكن ليتزوجها، أو يتزوج غيرها لولا تلك المأساة التى عصفت بكيانه.

الحب نسيج تغزله الأيادى المحبة. نسيج يتدثر به المرء فى ليالى الشتاء وخريف العمر. ثوب يمنحه لك الحب بلا مقابل ولكن لا يمكنك ابتياعه بذهب الأرض وكنوز البحار. لا حائك يُخيطه لك ولا متجر تبتاعه منه، وحينما يبلى يغدو الإنسان عاريا ولو تدثر بألف ثوب.

ولكن تبا لها! لماذا تلتزم الصمت المطبق؟

إنها تخشى سرعة سيارته الفائقة فعيناها مسمرتان على مؤشر السرعة دون أن تجرؤ على الاعتراض. ابتسم ساخرا. يبدو أن الرعب قد عقد لسانها.

وزاد من سرعته....

أتراها تفكر أنه ينوى اللحاق بزوجته الحبيبة؟ إنها مخطئة. لو كان ينوى الانتحار ما كان تزوجها. لا ينكر أنه يتمنى الموت بجماع نفسه. لو كان الموت امرأة لأغواها بالحُلىّ والثناء. ولو كان طفلا لأغرقه بالحلوى. لكنه لن ينتحر أبدا. إسلامه يمنعه. كل ما هنالك أنه سيصلى مبتهلا إلى الله أن يُعجّل بأجله.

واختلس نظرة إليها. لم تفلح كل المساحيق أن تُخفى شحوبها. واعتصر قلبه الإشفاق عليها. يعترف بأنها ليست من طرازه، متبهرجة، كثيرة المساحيق مصبوغة الشعر لكن ذلك ليس ذنبها. وشرع يُهدئ من سرعة سيارته. على أى حال لقد اقتربت الإسكندرية.

فليطهر ذاته برائحة البحر المشبع بالأعشاب.

فليغسل أدرانه بزبد أبيض قادم من بحار الشمال.

فليخف دموعه فى ملح البحر الأجاج.

لطالما أمضى معها أجمل الأمسيات. كانت تصغى إلى تكسر الأمواج وتفهم لغته ولا تبوح بأسراره.

هل يذكر- مثلا- أيام الزواج الأولى؟ لم تكن قد أنجبت حمادة بعد. كان هو طفلها الوحيد، طفلها المُدلل. أم يذكر مثلا عطلات نهاية الأسبوع التى كانوا يختلسونها رغم أعباء العمل المضنية؟ أم يذكر البحر الذى يمتد إلى آفاق البصر. البحر الذى كانت تزعم أنه دمعة واحدة فى عينيها.

ها هى ذى الإسكندرية أخيرا.

الإسكندرية التى تشهد بغرامه لها.

ولكن أين هى؟ رحلت بعيدا. لم تنس أن تصطحب ولده الوحيد معها. أى نكبة مُروّعة ألمت به على غرّة؟ أسوأ كوابيسه تحققت حينما ماتت مع حمادة فى حادث مشؤوم.

وفى غضون أسبوع واحد كان قد تزوج.

كانت مراسم الدفن المشؤومة تطارده. أمضى ثلاث ليالٍ متعاقبة بلا نوم. فى الليلة الرابعة أيقن أنه على وشك الانتحار. يخشى أن تنتابه لحظة ضعف يفقد معها دنياه وآخرته.

فليحاذر الانفراد بنفسه وليتشاغل بشىء لا يدرى ما هو. بعد ليلة مسهدة ذهب إلى المتجر ليبتاع رابطة عنق سوداء، وهناك مازحته البائعة فوجد نفسه يعرض الزواج عليها.

لم يترو للحظة، بل خُيّل إليه أن رجلا آخر يتكلم، وأنه يسمع عرض الزواج فى الوقت نفسه معها. تصورت أنه يمزح لكنه كان مُصمما. لم يتردد أهلها فى الموافقة. كان فرصة لا تتاح لمثيلاتها.

وأطلقت أمها زغرودة كالنواح. وها هو ذا يصطحبها للإسكندرية.

لم يخطر بباله أن تكون زوجته عاتبة عليه لزواجه المُتسرّع. إنه يلعق الترياق كى لا يموت، عالما أنه أمرّ من السم ذاته. إنه يتخبط فى اليمّ كى لا يغرق. إنه يُذبح بسكين صدئ ويتمنى لو كان أكثر حدة.

إنها تفهمه، وترثى له.

اقتربت السيارة من الفندق

يا للشقاء! أحقا قد تغيرت الحياة تماما فى أيام معدودات؟ أحقا تلوّنت إلى الأبد بهذا باللون الأسود؟

ليتها أبقت شيئا واحدا من الماضى الجميل يلوذ به.

أجل. البحر. إنه موجود وينتظره.

تنهد تنهيدة الخلاص وانحرف بالسيارة مسرعا صوب الكورنيش. مضى يسترق النظر صوب البحر فلم يره. لا غرابة فى الأمر فلعل كثافة الظلام تحجبه. ولكن لماذا لا يسمع صوته؟ فليصغ جيدا. ففى البحر خلاصه، إنه كل ما تبقى من ذكرى زوجته.

والذى حدث بعدها لا يُعقل. يقول شهود العيان إنه أوقف سيارته فجأة. يقولون إنه لم يعبأ بالرد على السيدة الجالسة جواره. يقولون إنه فتح باب سيارته بعنف وتركه مفتوحا، ومضى يعبر طريق الكورنيش دون أن يلقى نظرة. يقولون إن السيارات توقفت بفرامل مفاجئة، وبعضها اصطدم ببعضها، وتعالى السباب والفوضى الشنيعة.

ويقولون أيضا إنه توقف عند سور الكورنيش الحجرى، وراح يصرخ بأعلى صوته. ويقول للعابرين- الذين ملؤهم الذعر- إن البحر غير موجود، وأنه رحل!. وإنه حين ينظر إلى البحر لا يرى مكانه إلا هُوّة، ملؤها الظلام والضباب والأحزان الكبيرة!


الأربعاء، 5 يناير 2011

جاى الطوفان هدار..
..ومن دار لبيت
لقصوركم العالية..
..ومالكم مُغيت.
إكمنه جاى..
..من غيم غباكو الغتيت..
م العمة فاض..
..غَمّى الجبين والعينين.
جاى من جشعكو..
..وحرصكو المستميت..
ع العمر..
..والكرسي
..وحكم الفساد
لبلاد في سن الرشد..
..فاقدة الرشاد
الشاعر الجميل سيد حجاب .. إنذار بعلم الوصول إلى كل مصر

الثلاثاء، 4 يناير 2011

ماذا حدث لنا ؟

ليس أمر وأقسى على النفس الإنسانية من أن تشوه مشاعرها الجميلة و البريئة بسبب كل هذا الدمار والقبح الذي طغى على مشاهد حياتنا اليومية بكاملها، وإذا كان الله يخلقنا بقلوب بيضاء فالأصل فينا ليس الشر ولكن الخير والطهر والنقاء ، الاصل هو الحب والتسامح وليس الكراهية والقسوة ..
لذلك فأنا مازلت مندهشة كيف تمتليء نفس إنسان بكل هذا الكره ليزهق كل هذه الأرواح البريئة ، لا أبالغ إن قلت أني شعرت بغصة وبكيت كثيراًعندما سمعت وشاهدت كل ما جاء في الأخبار عن الانفجار الذي حدث في كنيسة القديسين بالإسكندرية .. تألمت من الحكايات التراجيدية التي رواها الناجون والمصابون أو من لهم أقارب لقوا حتفهم أو فقدوا .. يالها من نهاية قاسية أن تنتهي ليلة كهذه هذه النهاية الحزينة ..
لقد مر أمام عيني شريطاً رأيت فيه كل أصدقائي واصدقاء والدتي الأقباط الذين عشنا معهم اياماً وذكريات جميلة قبل أن تفرقنا وتبعثرنا الحياة كل في طريقه ، وقد أتاح لي هذا في الماضي أن اذهب عدة مرات إلى عدة كنائس في مناسبات مختلفة ، وتعجبت من الشعور الذي انتابني وقتها إنه شعور بالسكينة والأمان .. صحيح شعائر الصلاة لديهم مختلفة لكنها حكمة الله في خلق الناس على أشكال وطبائع وأجناس مختلفة . لقد أمرنا ديننا بالإحسان إلى الناس جميعاً ولم يحدد ولم يصنف الناس بل ترك هذا لفطرتنا التي خلقنا عليها ، وهي أن الإنسان بطبعه يميل لأن يحب من يحبه ويحسن معاملته وينفر ممن يسيء إليه ..
لذا طوال سنوات حياتي الماضية أحببت أصدقائي الأقباط وأصدقاء والدتي وجيراننا و أولهم طنط بدور وابنتها طنط نادية وحزنت كثيراً لوفاة طنط بدور وبعدها عمو نبيه شعرت وقتها اننا افتقدنا بهما الحنان والعطاء الإنساني ،افتقدنا أناس سمعونا في أوقات شدتنا وربتوا علينا بأيديهم في وقت تنكر لنا اقرب الناس إلينا .و أفتقد بشدة زيارتنا لهم في عيد الميلاد ، مازال طعم كعك طنط بدور في فمي وأشتاق إليه جداً
مازلت أسمع صوتك يا طنط نادية وانتِ توصيني على أمي ، وتقولي إن أجمل نعم الله علينا أن منحنا أمهات عظيمات و يجب أن نصلي لله شكراً على ذلك .
واذكر أيضاً فايق أخي وزميلي العزيز الذي ياما أقرضني مبالغ بسيطة من المال عندما أفلس أو أنسى المحفظة في البيت ، ربما لم أفعلها مع أخي أو أقاربي، ولكن مع فايق كنت أتجرأ وكان يعطيني بطيب خاطر بكل مروءة وشهامة .
ترى ماذا حل بنا ، لماذا أصبحنا هكذا .. وماذا يجب أن نفعل لننهض ونصلب قامتنا من جديد ..
إذا كنا يجب أن نحزن فيجب علينا أن نحزن الحزن النبيل الذي يجعلنا نعيد النظر في مسار حياتنا ، وفي هذه الظروف القاسية نحن بحاجة للوحدة ، وحدة الهدف في حياة أفضل لنا جميعاً وفي العدالة والحرية والكرامة ، أعتقد أنه لم يعد ينفع أن نكتفي بمشاهدة هذه المأساة ونبكي وفقط ..