بعد الخامس والعشرين من يناير 2011 (أعترف بأني خلالها لم تنتابني أي مشاعر وطنية نهائياً) عادت الروح إلى الجسد (كيف لست أدري . فأنا لم اشعر بها تعد لي حتى الآن!! صدقوني )بعد أن اقتربنا في الحقيقة من الفراق (عن إيه ومين برضه مش عارف ياريت ماتحرجونيش بالسؤال )لكل معاني الانتماء ، وضياع القدوة (أكيد بسببي وبسبب أمثالي من الانتهازيين والمنتفعين من شلة جمال مبارك) وغياب التربية واسس المواطنة (أيضا بسببي ربما لأني لا استغن أبدا طول مدة خدمتي في الجامعة عن البلطجية والموظفين من الصنفين الطبالين والمرتزقة الرعاع)الذين يدعمون كل مواقفي الخاطئة قبل الصحيحة .. والذين استعملتهم معي في انتخابات مجلس الشعب 2010 والتي رسبت فيها رسوبا مدويا
عادت الروح إلى كل ميادين مصر لتضخ داخلنا دماءاً تزداد في عناصر تركيبها الصلابة والرسوخ على مباديء الصبر والوعي والحرية التي بها (بالإضافة إلى الانتهازية والنفعية والتملق)التي تتحقق بها الأحلام
"بقلم رئيس جامعة قناة السويس 2-6-2011
دأ اليوم بالنسبة لي هاديء وخالٍ من اي شوائب ، كلفت في عملي بمهمة أديتها ثم عزمت على التوجه إلى أحد مكاتب تصوير المستندات التي تؤجرها الجامعة لخدمات الطلاب ، قبل خروجي من باب المكتب قابلت تلك السيدة التي تعمل نائب رئيس تحرير جريدة القناة في مدينة الإسماعيلية ، هي مكلفة -من قبل نائب رئيس الجامعة لشئون البيئة الذي أعمل سكرتيرة تنفيذية في مكتبه ومن قبل رئيس الجامعة د.محمد الزغبي- برئاسة تحرير مجلة تصدر باسم قطاع شئون البيئة بالجامعة وكان لقائي بها بداية تحول مسار اليوم من الهدوء إلى المقالب والمشاحنات والزوابع !!!
أعطتني السيدة مجموعة أوراق وطلبت مني كتابتها على الكمبيوتر .. أوراق كثيرة حوالي 8 , 10 ورقات عبارة عن مقالات مطلوب وضعها على المجلة .. طلبت من أحد زميلاتي مساعدتي وأتت بالفعل ، وبدأنا الكتابة بعد تقسيم الأوراق بيننا بالتساوي .. فوجت أول ورقة ضمن مجموعتي مقالة مذيلة باسم رئيس الجامعة ، وياللعجب فالمقالة تتحدث عن ثورة 25 يناير ، ولا أعلم لماذا أنا بالذات من وقعت هذه الورقة في يده .. تأملتها ولم تطاوعني يدي بعدها ان اضغط على زر واحد من الكي بورد لكتابة هذا الهراء ..وأنا بالذات من يعلم جيداً جدا موقف هذا المنافق من الثورة في بدايتها .. ولو أن اي إنسان في مكاني عنده ذرة ضمير ما طاوعه ضميره ليكتب هذه الكلمات .. وهل يا سيادة رئيس الجامعة تذكرت اليوم فقط أن ترد لشهداء الثورة اعتبارهم ، وأنت من تحرض مديرين مكاتبك والمرتزقة من أتباعك -الذين ينهبون اموال الجامعة (عيني عينك) لمجرد أنهم مسنودون من جانبك- على توجيه سيل الإهانات والاتهامات بالعمالة والخيانة للوطن لشهداء الثورة ،وللذين يتظاهرون في كل ميادين مصر ومنهم أنا الذي اعتبر دوري صغيرا جدا ومحدودا جدا جدا إذا ما قورن بما قدمه الشهداء ومصابو هذه الثورة الرائعة
أحقا تذكرت اليوم وبعد انقضاء أكثر من ثلاثة شهور على تنحي مبارك أن تذكر شهداء مصر بخير .. أتريد أن اذكرك بما حرضت به زملائي في المكتب قبل التنحي من عدم الكلام نهائياً عن كل ما يتعلق بالشأن السياسي وكل ما له علاقة بتأييدي للثورة خوفاً على مصلحتك ودفاعا عن حقك في ان تحصل على حقيبة وزارية أنت تعلم جيدا -قبلي وربما أكثر مني - أنك لا تستحقها ..!
عفوا لن استطيع مجاراتك ولا أعوانك في النفاق والكذب والتدليس ، لم أجد نفسي إلا وانا أتصل بأحد زملائي من الصحافة المستقلة أطلب منه المشورة ، فقال لي لا تكتبيها وأوصلي هذه الرسالة لرئيس الوزراء د.عصام شرف ، حتى يعلم وحتى يتجنب عدم وضع رئيس الجامعة في اي منصب ، ولكن كيف افلت من هذا الموقف الصعب ؟ كيف وهم يحاولون توريطي بإعطائي أمرا بأنه يجب تسليم هذه المقالات مكتوبة إلى شبكة الجامعة لتحميلها ونشرها اليوم وقبل انصرافنا عن العمل حيث أن أمامنا يومين عطلة وهما الجمعة والسبت ..
ماذا أفعل ؟ ماذا أفعل ؟ أقطعها ؟؟ لا لن أقطعها . هل اسكب عليها كوب الشاي او النسكافيه ؟ لا سأتهم بالإهمال وبأني أتعمد عدم كتابتها .. اأتركها لغيري يكتبها .. لا فكرة ليست صائبة وتفكير سلبي .. دبرني يارب ، لا بد أن أؤمن نفسي أولاً حتى لا تبدو مقصودة ، وحتى اشككهم في نفسهم ، فأنا لا ارغب في أن اؤذي أحدا ولكن سأتعامل معهم بنفس أسلوبهم الحقير الذي طالما اتبعوه معي ، لا ارغب إلا في تشتيتهم كما كانوا ومازالوا يفعلون معي .. لا أريد إلا أن أحدث معهم نوعاً من البلبلة والاضطراب .. فهذا من وجهة نظري أقل واجب وأقل جزاء يستحقونه على ما فعلوه بي طوال السنة الماضية دون وجه حق ولا لشيء إلا ليثبطوا عزيمتي ويشعرونني باني موجودة فقط ليس لخدمة الوطن ولكن لخدمة مصالحهم الشخصية ومصلحة النائب ورئيسه
يالها من فرصة زميلتي امامي ولكنها مستغرقة في العمل إذن سأضع هذه الورقة في ثنايا ملابسي كما النساء في الأحياء الشعبية .. وهي حيلة تقليدية تعلمها كل النساء ،فهذا المكان السري طالما يستعملونه النساء للحفاظ في أحيان كثيرة على مقدراتهم .. وطالما من قبل استعملتها حفاظاً على أموالي بعد أن سرق مني ميلغا ماليا منذ عام وانا في المكتب وكان هذا المبلغ أكبر من نصف راتبي المتواضع ، ولم تأخذ بسارقي أي شفقة بي .. وهو من المؤكد من زملائي في المكتب .. إذن البادي أظلم .. (مش خسارة فيكم أبدا ) وباشكرك جدا ايها الزميل فانت من تجبرني على الإصرار على موقفي !!!!!!
واتخذت القرار بسرعة واستمريت في الكتابة في مقالة أخرى بعيدة عن الثورة ، ثم ذهبت إلى دورة المياه وعدت لأعمل فيها عبيطة وأتساءل:"أين مقالة د.الزغبي ؟ هل اخطأت لأني تركت مثل هذه الورقة على المكتب
ثم بدانا عملية البحث الشاق والمضني عن هذه المقالة . وأنا ادعو الله ألا تسقط من بين ملابسي .ز يارب استرها معايا .. يارب انت عالم أني لا اريد إلا محاربة النفاق والكذب ..
واستمر البحث حتى عاد النائب من اجتماعه مع الرئيس ليطلب الورق ولمحت في عيون زملائي الرعب من أن كيف يأتي الدكتور يطلب الورق المطبوع لمراجعته ليجده ناقصا ؟ وما هي الورقة الناقصة إنها مقالة رئيس الجامعة شخصياً . أي ليس خبراً صغيراً والسلام لو سقط من المجلة لن يؤثر ورغم ذلك لم أتخل عن موقفي تظاهرت بالحزن وبأني اشعر أنها مقصودة من أحد زملائي ليضعني في موقف محرج وشاهدت كيف يضربون امامي أخماساً في اسداس ، الذعر انتابهم .بحثوا معي في كل مكان تحت المكتب وفوقه ، تحت شاشة الكمبيوتر وتحت الطابعة .. أتخافون كل هذا الخوف من اشخاص مثلكم ؟ ألهذا كنتم ومازلتم تمارسون علي ضغوطا مختلفة من حين لآخر لتجعلوني أغير مبادئي وافكاري .. أمن أجل رئيس الجامعة تحاربونني ؟ هل يستحق إرضاء المسئول أن تدوسوا عليا وعلى امثالي باقدامكم ؟ أمن أجل رئيس الجامعة وخاطره منعتموني من اسبوع من حضور أحد احتفالات افتتاح مشروع كنت انا المسئولة عن الإشراف والمتابعة مع مندوبي الدولة الأجنبية المانحة لميزانية هذا المشروع ، وعمل الاتصالات اللازمة معهم ..؟ وهل كل هذا حفاظاً على استقرار الجامعة .. التي تزعمون أني أهدد استقرارها بخروجي للمظاهرات .؟ وماذا تسمون من سرق كابلات التليفون من الجامعة هل هؤلاء ومن يدعمونهم؟
أنسيتم أني منذ يومين فقط كنت لا ازال متهمة بأني أحرض على الفساد وعلى زعزعةالاستقرار .. كما أنه اتضح بأني من اصحب الأجندات ومدعومة من إسرائيل (ماعرفش بأمارة إيه ، العيشة المترفة اللي انا عايشاها .. ولا العربية آخر موديل ولا عشان ما انا ساكنة في بيت يعتبر آدمي والمفروض إني أعيش في خرابة )
صدقوني حتى هذه اللحظة لم يخطر أبدا ببالي أن أقدم على تصرف كهذا ، ولكنها ربما روح الثورة التي أتمنى أن تظل مشتعلة بداخلي ، فقد سئمت العبودية والخوف ، واصبحت الآن على يقين انه لم يعد هناك من داع لأي من هذه الترهات ، ومن البداية لم يكن لها داع لوجودها في نفوسنا ( لأن العمر واحد والرب واحد والرزق مكتوب عند رب العالمين وهو يقسمه بحكمته )..
لقد آلمني مشهد زملائي وهم كالفئران المذعورة ..لقد رأيت العبودية تتجسد امامي في اوضح صورها .. ، هل هذه مكتسبات عصر الرئيس المخلوع ؟ أن نظل نساق كالبهائم . وأن نظل نخاف ونرتعد من اي مسئول حتى لو كان فاقداً للشرعية مثل السيد رئيس الجامعة .، وحتى بعد أن قدم حوالي ألف شهيد مصري أرواحهم حتى نعيش بحرية وعدل وكرامة .. وحتى لا تنتهك آدميتنا ثانيةً ..
أتمم مقالي بنداء إلى زملائي :" إني أناشد فيكم بقايا الضمير .. أرجوكم أفيقوا إننا نعيش الآن وضعاً مختلفاً لا مكان فيه للخائف ولا للجبان !! أرجوكم أفيقوا ماذا تنتظرون لاستعادة آدميتكم المهدرة !! إن مصر تشهد مخاضاً عسيراً لوليد جديد بقدومه ستشهد مصر بداية دخول عصر جديد من الديمقراطية والنهضة أرجوكم لا تجهضوا مصر بجبنكم
دعوا المخاض يتم
فنحن كلنا في انتظار هذا الوليد بفارغ الصبر