الجمعة، 31 ديسمبر 2010

2010 سنة تلبس الحداد : الموت هو الحصاد الأوفر ..ورحيل الأدباء والفنانين قضية العام

عزة حسين -

عفيفى مطر

كان الرحيل هو تيمة هذا العام، حيث رحل 12 كاتبا ومثقفا خلال شهور هذا العام بدءا من الساخر محمود السعدنى مرورا بأسامة أنور عكاشة والناقد فاروق عبدالقادر والشاعر عفيفى مطر ونصر حامد أبوزيد وعبدالسلام العمرى انتهاء بمحىى الدين اللباد وإدريس على. وكأن هذا العام يريد أن يقول «الموت هو الحصاد الأوفر».

بالنسبة للثقافة المصرية سيظل 2010 العام الأكثر حزنا بين سنوات الألفية الجديدة وما قبلها. هو كأى عام حل ورحل، حاملا أحداثا ومعارك ومفاجآت، لكن الموت الذى وسم أغلب شهوره جعله عاما مرا على الثقافة والمثقفين.


الأعداد والأسماء التى اختطفها مؤخرا الموت، هذا الشديد الانتقائية، جعلت بعض الكتاب والنقاد يتحسسون أرواحهم حتى الآن، وينعى بعضهم نفسه مقدما، متوقعا أن يصطاده الدور أى لحظة، بينما استحضر آخرون الموت فى كلامهم وتفاصيلهم قبل أن يستحضرهم.
قاسٍ أن يكون الحصاد الأوفر لهذه السنة هو الموت، لكنها الحقيقة، فمؤتمرات وجدل وخناقات الرأى أو المصالح، كانت مواضيع بائتة، جنب خبر رحيل قامة كأسامة أنور عكاشة، أو شاعرٍ بنبل عفيفى مطر، أو باحثٍ بإخلاص وتفرد نصر حامد أبوزيد، ومن سبقهم وتلاهم داخل سوار هذا العام.

رحيل الولد الشقى وصاحبه

البداية كانت منتصف العام، فى الأسبوع الأول من مايو، برحيل الساخر الكبير محمود السعدنى أو «الولد الشقى»، أو آخر ظرفاء هذا الزمان، كما سماه رفيق دربه السيناريست أسامة أنو عكاشة، الذى صرح حينها بأنه يشعر باليتم من بعده، فهو رجل «لا تود أن تتركه أبدا».
وحده الموت كان يعرف أن لن يمر سوى 23 يوما ويلحق أسامة بالسعدنى فى 28 مايو الماضى، تاركا إرثا مضافا إلى تاريخ الحدوتة المصرية المصورة، بأعمال من ذلك النوع الذى كأنه التاريخ السيرى الشعبى أو الحقيقى.

وبالعودة للسعدنى فهو من مواليد 1928، وامتدت رحلته الصحفية منذ الحكم الملكى فى مصر ومرورا بثورة 23 يوليو، التى أيدها وعمل فى صحيفتها «الجمهورية»، لكن سرعان ما استعدى عليه النظام ليتم اعتقاله أيام الرئيس الراحل جمال عبدالناصر، ثم أيام السادات ليضطر بعد الافراج عنه إلى التنقل بين دول الخليج وبيروت، وصولا إلى لندن التى بقى فيها إلى ما بعد اغتيال السادات، ليعود من جديد إلى مصر للعمل فى الصحافة مؤسسا ريادته فى الكتابة الساخرة، عبر بابه الثابت فى صحيفة «أخبار اليوم» «أما بعد»، الذى كان يتناول فيه القضايا السياسية والاجتماعية بأسلوبه الساخر الذى انفرد به، كما عرف بأنه من أكثر الكتاب المصريين خفة ظل وغزارة فى الانتاج، وخلف مجموعة كبيرة من الكتب التى تعتبر من أهم الكتب الساخرة فى أدب السيرة الذاتية، والتى بدأ كتابتها فى الستينيات واستمرت حتى تسعينيات القرن الماضى، وجمع بين هذه الكتابات عنوان «الولد الشقى».

أما عكاشة فإن أثره فى الدراما المصرية كمستكملٍ لتاريخ الحارة المصرية الذى بدأه قبله بعقودٍ، نجيب محفوظ منذ الثلاثية وما تلاها من أعمال، ينصبه متحدثا رسميا باسم هذه الحارة، عبر أعمالٍ فككت الشخصية المصرية بحثا عن الجين الأصلى لها كليالى الحلمية وأرابيسك وزيزينيا والراية البيضا والشهد والدموع وضمير أبلة حكمت غيرها، وحتى وإن جاءت إجابات عكاشة واستنتاجاته حول هذه الشخصية مغايرة أو مستفزة للبعض، كرأيه فى مسألة عروبة مصر، أو رأيه فى الصحابى عمرو بن العاص أو حجاب بعض الفنانات، فقد ظل متمسكا بها حتى وفاته، بعد توضيح رأيه وتقشيره من افتراءت بعض الإعلاميين والمتأسلمين.

فاروق عبدالقادر..جائزة كأنها الموت

بمفارقةٍ درامية كلاسيكية كان الناقد الكبير فاروق عبدالقادر أول الراحلين بعد أسامة أنور عكاشة، إذ توفى بعد يومٍ واحدٍ من إعلان المجلس الأعلى للثقافة فوزه بجائزة التفوق فى 22 يونيو الماضى وقيمتها مائة ألف جنيه.
من ناحية كانت الجائزة وقيمتها أضعف من قامة الناقد والمسرحى الكبير الذى رحل عن 72 عاما، وجملة من أهم الأعمال الفكرية والترجمات كـ«النقطة الفارغة» لبيتر بروك، «اوراق من الرماد والجمر»، «ازدهار وسقوط المسرح المصرى» وغيرها، ومن ناحية أخرى كانت القيمة المادية للجائزة ستبدو كهدايا أعياد الميلاد التى يحضرها «بابا نويل» للأطفال، أو ملاك الفرصة الأخيرة للمحتاجين، لولا أنها تأخرت كثيرا، بعد أن كانت قرحة الفراش قد فعلت فعلها به، بعد اضطراره إلى الخروج من المستشفيات الخاصة التى دخلها للعلاج من جلطة بالمخ، إلى وحدة المسنين بأحد المستشفيات الحكومية، وإصابته هناك بالقرحة نتيجة إهماله.

عفيفى مطر يغادر ملكوته

هى ذاتها المؤسسة الرسمية التى أهملت فاروق عبدالقادر حتى نزف مخه ثم منحت ورثته جائزة التفوق دون أن يدرى، هى من أهملت وتجاهلت الشاعر الكبير عفيفى مطر الذى غيبه الموت بعد أقل من أسبوعٍ من رحيل عبدالقادر عائدا إلى «دفتر الصمت»، عن عمرٍ يناهز الخامسة والسبعين، وذلك إثر إصابته بغيبوبة كبدية، نقل على إثرها فى حالةٍ خطيرة إلى مستشفى منوف العام، ليلقى ربه بعدها بأيام قليلة.
ومعروف أن «عم عفيفى» أحد أهم رموز الشعر فى مصر والوطن العربى، وقد أصدر الراحل أول دواوينه «من دفتر الصمت» عام 1968، أتبعه بعدها بعدد كبير من الدواوين من بينها: كتاب الأرض والدم، احتفاليات المومياء المتوحشة، فاصلة إيقاعات النمل، رباعية الفرح، يتحدث الطمى، شهادة البكاء فى زمن الضحك، رسوم على قشرة الليل، والجوع والقمر وغيرها، وصدرت أعماله الكاملة عن دار الشروق عام 2000 وله ديوان مخطوط بعنوان»ملكوت عبدالله».

وكان الشاعر الكبير معروفا بقربه من أغلب الأجيال الشعرية، فهو يعد من أكثر الشعراء الذين نالوا ما يشبه الإجماع على أهمية واختلاف منجزهم الشعرى، لكن كان هناك إجماع أيضا على تجاهل هذه التجربة، وعدم منحها ما تستحقه من تكريم، فأغلب ما حصل عليه من جوائز كان لجهات أهلية أهمها: جائزة سلطان العويس عام 1999، جائزة كفافيس من اللجنة الدولية لجائزة كفافى أثينا ـ القاهرة، جائزة الشعر من المؤسسة العالمية للشعر، روتردام ـ هولندا، جائزة طه حسين من جامعة المنيا ـ مصر، باستثناء جائزة الدولة التشجيعية من المجلس الأعلى للثقافة.
كما أرشفت الثقافة المصرية جملة من إجراءات التعنت والقمع التى تعرض لها الشاعر الراحل على يد المؤسسة الرسمية، بدءا من قرار رئيس هيئة الكتاب فى الخمسينيات الشاعر الراحل «صلاح عبدالصبور» ألا ينشر له ديوانا «ولو على جثتى»، ثم وريث كرسيه، رئيس الهيئة الأسبق سمير سرحان، الذى تراجع بعد سنوات من تجميد الاتفاق، عن طباعة الأعمال الكاملة لمطر، قبل أن تقوم بهذه الخطوة عام 2000 دار الشروق، فضلا عن اعتقال مطر وتعذيبه بداية التسعينيات لمعارضته الحرب على العراق.

نصر أبوزيد يقطع منفاه للأبد

بعد أسبوعٍ آخر من رحيل عفيفى مطر، فى 5 يوليو الماضى، كانت طامة رحيل المفكر المصرى الكبير نصر حامد أبوزيد، بسبب فيروس مجهول خلال زيارته الأخيرة لأندونيسيا أصاب عقله، أجمل ما فيه، ليصاب بغيبوبةٍ واضطرابٍ فى الوعى وينقل إلى مستشفى الشيخ زايد فى القاهرة، ليلقى ربه هناك.

ويشترك أبوزيد مع كلٍ من فاروق عبدالقادر وعفيفى مطر فى معارضته للسلطة الثقافية المصرية، لكنه لم يحظ مثلهما بالتجاهل قدر ما ووجه بالمطاردة والتنكيل.

فقبل 15 عاما لاحقته السلطة السلفية داخل الجامعة بعدما رأت فى إبعاده تنكيلا بالعلمانية، وذلك إثر تقديمه بحثا بهدف الترقى فى كلية آداب القاهرة عام 1993. وقتها لم يكتف رموز اليمين داخل الجامعة وعلى رأسهم د. عبدالصبور شاهين، برفض الترقية والبحث، بل اتهم طالبهما بالكفر، لتمتد فتواه لخارج الجامعة، يحملها وكلاء الحسبة الذين طالبوا بتفريقه عن زوجته.
ووقتها كان يكفى نصر أبوزيد أن يردد الشهادتين أمام القاضى الذى حكم بإبعاده عن زوجته لأنه برأيه «كافر»، لينال غفرانا أبديا من الجميع، لكنه اختار أن يرحل، حاملا حقائبه وعقله باتجاه هولندا، استجابة لدعوة من جامعة ليدن، رافضا أكثر الحلول أمنا وهو التراجع عن بحثه ونيل رضا وحماية المؤسسة الدينية، أو الارتماء فى أحضان المؤسسة السياسية ليكون مجرد عصا فى معركتها ضدّ تيارات التأسلم..!
وطوال منفاه الذى لم يقطعه سوى زياراتٍ قصيرةٍ للقاهرة، لم يطرح اسم أبوزيد ضمن مرشحين لأى جائزة أهلية أو رسمية، كما لم يطلب لأى منصبٍ جامعى أو ثقافى داخل مؤسسات الدولة، التى توارب شعار الإصلاح فوق كل مؤسساتها، كما حرم القراء من رؤية مؤلفاته الجدلية.. رغم اختناق المطابع الحكومية بمجلدات عن الطبخ وطوابع البريد.. وغيرها.

العمرى يهجر الكتابة والمعمار

بعد عشرة أيام من رحيل «أبوزيد» أعلنت أسرة الروائى المصرى المعروف محمد عبدالسلام العمرى وفاته إثر سكتة قلبية مفاجئة عمرٍ يناهز السادسة والستين، فى رحلة انتصر فيها البناء الأدبى على الهندسة المعمار، إذ كان الراحل أحد تلامذة شيخ المعماريين العرب حسن فتحى، وعمل مهندسا حرا لسنوات طويلة قبل أن يتفرغ تماما للأدب.

وكان العمرى أحد أبرز كتاب الرواية المصريين وأثارت رواياته ودراساته الكثير من الجدل فى مصر والدول العربية خاصة دول الخليج، التى تناولها بالنقد والتحليل وناقش الكثير من الأنظمة القائمة فيها مثل نظام الكفيل والمؤسسات الدينية، كما كانت له خلافات واضحة مع المؤسستين السياسية والدينية فى مصر، فسبق وأن أحل الشيخ محمد الغزالى دمه بسبب قصة «بعد صلاة الجمعة» التى نشرت فى صحيفة الأهرام الرسمية عام 1995 وانتقدت المواقف الدينية للشرطة، كما سبق وهاجمه وزير الثقافة فاروق حسنى بسبب روايته «الجميلات» التى اعتبرها الوزير رواية جنسية تدعو للفجور، وصادر الطبعة الأولى منها قبل أن يفرج عنها بحكم قضائى ليصدر منها طبعة عاشرة عن مكتبة مدبولى.

وتنوعت أعمال الراحل بين الرواية والقصة القصيرة والدراسة، وكان آخر أعماله كتاب «عمارة الأضرحة» عن دار أخبار اليوم، وصدرت للراحل قبل عدة أشهر فى نيويورك الطبعة الإنجليزية من روايته الشهيرة «قصر الأفراح».

اسم سعيد عبيد يلعب الطاولة

القاص والمغنى الجميل سعيد عبيد كان أحد الوجوه المألوفة على مقاهى وسط البلد كزهرة البستان الجريون وغيرهم، ما يعرفه أى شخصٍ عن عم سعيد باستثناء أصدقائه المقربين، المخرج مجدى أحمد على، والفنان لطفى لبيب، والفنان عادل السيوى، وبالطبع الشاعران أحمد فؤاد نجم، وإبراهيم داوود قليل، لكنه كان محبوبا لكل الرواد، وكان رحيله خلال شهر رمضان الماضى خبرا موجعا لكل من عرفوه، واختار أصدقاؤه على «زهرة البستان» أن يكرموا ذكراه على طريقتهم، فسموا دورة «الطاولة» هذا العام باسمه.

لكن سعيد عبيد ليس هذا المجهول، الذى كتب عنه «نجم» فى الوفد، وفشلت مساعدات أحد رجال الأعمال فى أن تنفع كبده الذى كان تلف، هو كما سماه إبراهيم داوود: «ابن ميت رهينة الطيب والمبهج، الذى كان ولازال «أساسيا» فى حياة قطاع كبير جدا من المثقفين منذ بداية الثمانينيات من القرن الماضى، بصوته القريب وخفة ظله، وحكاياته، التى كانت من الممكن أن تصنع منه روائيا فريدا، وحياته المليئة بالغناء والدراما والأسى».

يضيف: «سعيد رجل طيب يحب الغناء، وخطفته النداهة بمساعدة الشيخ إمام عيسى ليجد نفسه صوتا صديقا للمناطق الشجية فى وجدان المحيطين به، كون فى نهاية الثمانينيات مع الراحلين محمد جاد الرب وحسن الموجى «جيش التوشيح»، يكتب قصائد، يلحنها الموجى بعد فك شفرتها، وإذابتها فى جمل لحنية قادمة من تراث المجاورين وبداهة أولاد البلد وأحزان الفرادى، ليغنيها سعيد بصوته الصادق الحنون، الذى لا مبالغة فيه ولا حذلقة، صرف كل ما يملك لكى يغنى ويستمع الناس إلى شىء آخر من الممكن أن نغنيه معا «لو بس القمره تبان وتنور للعميان، شاعر أغانى والنيل سقانى العنب ألوان، يارايح طوخ» وغيرها من الألحان العظيمة التى تغنت بها النخبة المثقفة المحبة للغناء والتفت حولها سنوات ليست قليلة، كان يريد مع المؤلف والملحن إعادة اكتشاف الشجن المصرى من جديد وتقديمه على اعتباره عملا جماعيا شارك الجميع فى صياغته، وقدمه فى حفلات فى قصر الغورى عندما كان صلاح عنانى مسئولا عنه، وقصر الأمير بشتاك وبعض الأماكن العامة، وقدم مع نجم «شحتوت العظيم» تأليف الراحل محمد سعيد فى المنصورة، وفجأة وهو فى الستين ابتلاه الله بالمرض اللعين.

وجفت ريشة فيلسوف المطابع

لنفس السبب أو بيد نفس الفاعل كان الرابع من سبتمبر الماضى «أحد الأيام الحزينة» كما سماه الأديب الكبير إبراهيم أصلان بعد تلقيه نبأ وفاة الفنان الكبير محيى الدين اللباد أو «فيلسوف المطابع» بعد صراعٍ قصيرٍ مع المرض، كان خاتمة صراعٍ أطول مع الفن والحياة.

ويعد اللباد الذى بحسب الفنان الكبير حلمى التونى، لم يلق أبدا التقدير الذى يستحقه كـ«صانع للكتب»، أحد أشهر مصممى أغلفة الكتب فى العالم العربى، وكان يعتمد فيها على استخدام عناصر فنية من التراث الشعبى العربى، وقد عمل منذ منتصف الستينيات مصمما ومديرا فنيا للجرافيك وشارك فى تأسيس عدد من دور النشر الخاصة بكتب الأطفال فى مصر ولبنان وله عدة مؤلفات للكبار والصغار ترجم بعضها إلى اللغات الفرنسية والإنجليزية والإسبانية والإيطالية والألمانية والفارسية واليابانية ونال عن بعضها جوائز عربية وعالمية وشارك فى الكثير من معارض الكاريكاتير الدولية والتحكيم فيها، لكن أشهر وأهم أعماله على الإطلاق هى سلسلة «نظر»، التى تعد مرجعا لمتذوقى الفن التشكيلى والرسوم الكاريكاتيرية وفنون الجرافيك المعاصرة فى مصر والعالم والعربى والعالم بأسره، فضلا عن كتابه البديع والمهم «كشكول الرسام» الذى حاز على جائزة التفاحة الذهبية لبينالى براتسلافا الدولى لرسوم كتب الأطفال، وجائزة «الأوكتوجون» المركز الدولى لدراسات أدب الطفولة فى فرنسا، كما اختير ضمن أفضل عشرة كتب عربية للأطفال، وصدرت منه طبعات باللغة الفرنسية والهولندية والألمانية، وهو صادر عن دار الشروق، فضلا عن كتب وأعمال أخرى من بينها: «30 سؤالا، لغة بدون كلمات، تى شيرت، حكاية الكتاب، 100 رسم وأكثر، وملاحظات، وغيرها..

ورزق الله لن يعود إلى مرسمه

بعد 12 يوما من رحيل اللباد كان الموت على موعدٍ مع قامةٍ تشكيلية أخرى، إذ رحل الخميس 16 سبتمبر الفنان الكبير عدلى رزق الله بعد رحلة خصبة مع الفن، ورحلة أخرى مع المرض.

رحيل رزق الله لم يكن مفاجئا، فقد ظل قرابة شهرٍ بمركز الدكتور محمد غنيم بمدينة المنصورة للعلاج من سرطان المثانة، قبل أن تتدهور حالته وينتقل إلى غرفة العناية المركزة بمستشفى السلام بمنطقة المهندسين، التى ظل فيها حتى وفاته، دون أن تفلح مناشدات الفنانين ونقابة التشكيليين المصريين لوزارة الثقافة من أجل علاجه بالخارج على نفقة الدولة.

ويعد الراحل أحد رموز فن التصوير المائى فى مصر والعالم العربى، وقد تخرج فى كلية الفنون الجميلة بجامعة القاهرة عام 1961. والتحق بمعهد الدراسات القبطية فى الفترة ما بين 1960 و1962، تعرف خلالها على عدد كبير من الفنانين مثل حبيب جورجى، وراغب عياد، والمعمارى ويصا واصف وغيرهم.

وفى الفترة من 1974 إلى 1978 سافر إلى فرنسا، ودرس بجامعة ستراسبورغ، ثم عمل أستاذا بمعهد الفنون التشكيلية فى نفس الجامعة.
وتمتع الراحل بمكانة فنية وإنسانية متميزة فى أوساط الفنانين المثقفين، وكان يقيم فى مرسمه بمنطقة وسط البلد (بالقاهرة) ندوة أسبوعية، يستضيف فيها الشعراء والكتاب والفنانين والروائيين لمناقشة إبداعاتهم فضلا عن قضايا الوقع الثقافى.

شارك رزق الله فى الكثير من المعارض الجماعية والفنية فى مصر والعالم العربى والدول الأوروبية. ونال الكثير من الجوائز المحلية والدولية، من بينها جائزة سوزان مبارك، وجائزة معرض «لايبزغ» الدولى بألمانيا عام 1980، وجائزة المركز العالمى لكتب الأطفال بسويسرا، وله مقتنيات بعدد من متاحف الفنون الجميلة فى مصر وأوروبا.

رواد التفعيلة يتساقطون

أيضا شهد هذا العام غياب اثنين من رواد حركة الشعر الحر، وهما عبدالمنعم عواد يوسف، وكمال نشأت، فى 17 سبتمبر، و4 أكتوبر على التوالى، ويعد الشاعران من مؤسسى قصيدة شعر التفعيلة فى الشعر العربى المعاصر.

وقد قدما للمكتبة العربية مجموعة من أبرز الدواوين، فقدم يوسف المولود عام 1933 بمحافظة القليوبية دواوين مثل: عناق الشمس 1966 ـ أغنيات طائر غريب 1972 ـ الشيخ نصرالدين والحب والسلام 1974 ـ للحب أغنى 1976 ـ الضياع فى المدن المزدحمة 1980 ـ هكذا غنى السندباد 1983 ـ بينى وبين البحر 1985 ـ وكما يموت الناس مات 1995 ـ المرايا والوجوه 1999 ـ الأعمال الشعرية الكاملة 1999 ـ عيون الفجر (للأطفال) 1990.

وقدم نشأت المولود فى حى رأس التين بالإسكندرية عام 1923 سبعة دواوين من بينها: أحلى أوقات العمر ـ وماذا يقول الربيع ـ ومن كتبه النقدية ـ أبوشادى وحركة التجديد فى الشعر العربى، والنقد الأدبى الحديث فى مصر».

النوبى يرحل بلا لعب

ومؤخرا اختار الأديب الكبير إدريس على أن يرحل هذا العام، فى 30 نوفمبر الماضى، وهو نفس العام الذى شهد جدلا واسعا بسبب مصادرة روايته الأخيرة «الزعيم يحلق شعره»، التى صادر الأمن جميع نسخها، واحتجز ناشرها على خلفية تعرضها لشخصية الرئيس الليبى معمر القذافى، توفى «عم إدريس» إثر اصابته بأزمة قلبية حادة،عن عُمر يُناهز السبعين عاما، والعديد من المؤلفات المهمة، التى ترجم بعضها إلى لغات أجنبية، وأهمها روايات: «دنقلة»، «انفجار جمجمة»، «مشاهد من قلب الجحيم»، «اللعب فوق جبال النوبة»، «تحت خط الفقر»، «النوبى» وغيرها، وحصد العديد من الجوائز منها جائزة اتحاد الكُتاب، «جامعة اركتور» الأمريكية عن ترجمة روايته «دنقلة» إلى الإنجليزية فى 1997، كما حصد جائزة معرض الكتاب عن روايته «انفجار جمجمة».

يذكر أن هذا العام قد شهد غياب قامات فكرية وأدبية عربية أخرى كالمفكر المغربى عابد الجابرى، والكاتب الجزائرى الطاهر وطار، والكاتب والناقد السعودى غازى القصيبى وغيرهم.

المخزنجى: أعتقد أن الله قد خلقنى لأسبب قلقا للقوالب النقدية


اقرءوا هذا الحوار الممتع لد.محمد المخزنجي .. (من جريدة الشروق - دار الشروق للطبع والنشرحوار ــ منى أبو النصر -

الحديث إلى الدكتور محمد المخزنجى لابد أن يخلف عندك شعورا ما بالدهشة، مصدر الدهشة ليس فقط فى الحكايات الرائعة التى يرويها عن رحلاته ومشاهداته الحية فى عالم الحيوان والنبات، بل أيضا لأنه حديث يمكنك خلاله الاستماع إلى مفردات قلما يمكنك سماعها فى عالم اليوم الصاخب واللاهث وراء المادة، مفرداته تشبه وداعة وسماحة ملامح وجهه، فهو يتحدث عن سلام النفس الذى يكون بالاستغناء عما لا ضرورة له فى هذا العالم، وتحدث مرتين بعفوية بالغة عما يعتبرها منحا سماوية فى هذه الحياة، الأولى هى منحة الاحتفاظ بالطفل داخلنا رغم الكبر ومرور السنين، والثانية هى كوب الشاى فهو عند المخزنجى منحة سماوية لاسيما فى الصباح..
كان اللقاء مع هذا الكاتب الكبير للحديث عن كتابه الجديد «فندق الثعالب» الذى جمع فيه 33 حكاية عن الطبيعة والكائنات الحية، حكايات تجد أبطالها من الحيوانات والطيور والبحيرات والأشجار وهو العالم الذى سحره وافتتن به لدرجة لا يمكن أن تخفى على قرائه

كيف جاءت فكرة كتابك الجديد «فندق الثعالب»؟

هذا الكتاب جزء مما سبق أن نشرته على مدار سنوات عملى فى مجلة «العربى الصغير»، فهذه دفعة أولى من الحكايات، وعددهم 33، من بين نحو 150حكاية، وأطلقت عليها حكاية لأنها متحررة من تقنية الكتابة القصصية القاسية، والحكاية فيها شكل من الحرية فى الحكى والابتعاد عن الصياغة البلاغية المتكلفة واتجاه نحو البساطة دون خروج عن جماليات اللغة.

فى الكتاب أنطقت الزرافة والشجرة وجعلتهم هم من يروون حكاياتهم؟

صحيح أننى أنطقت الشجرة والزرافة والفيل الصغير لكننى لم أنطقهم بمنطق الإنسان ولكن بلغة مشتقة من فسيولوجية ونفسية الحيوان والنبات.

ولكن هل للنباتات أيضا حالة نفسية؟

ــ ثبت أن الأشجار تنذر بعضها عند شعورها بالخطر أو اقتراب هجوم عليها، وذلك بلغة كيميائية تفرزها كرسائل لبعضها، وأن الأزهار ترقص للنحل لتجذبه إليها، فاللغة ليست كلاما فقط.

أنت مفتون بعالم الطبيعة إلى درجة مدهشة؟

ــ يقولون إن الطريق يصنعه المشى، فالسعى يصنع التجربة بشرط أن يكون هناك استعداد واستبصار بالتفاصيل، فكل خطوة تكشف أسرارا جديدة فى الوجود، وأرى جريمة كبرى فى الاعتداء على الحياة الفطرية، وكتبت هذه الحكايات دفاعا عن هذه الحياة.

من يقرأ الحكايات لابد أن يربط بينها وبين عالم الإنسان؟

ــ أنا مؤمن بوحدة الخلق، لذا أرى بصمة الخلق موجودة على سطح الطبيعة الإنسانية والجمادات والكونيات، وأنا مؤمن أيضا أن الإنسان كائن شريف وهو الأسمى، ودخولى لعالم الحيوان ليس للمقارنة بينه وبين عالم الإنسان ولكن للتأمل والتفكير.

ما هى مصادر إلهامك لكتابة هذه الحكايات؟

المشاهدة أولا، والقراءة من أجل محاولة حل الألغاز التى خلقتها المشاهدة، وأعتقد أن بيئتى كطفل كانت دافعة لهذا الفضول، حيث كنت أعيش فى آخر شارع بمدينة المنصورة على بعد أمتار من الحقول، فهذا جعل علاقتى بالبيئة علاقة مبكرة، فكنت وأنا لم أزل طفلا أعرف على سبيل المثال الفرق بين جحر الثعبان وجحر الضفدع، فالبيئة كانت جزءا من مكونات طفولتى، كما أن هناك كتبا مهمة وجذابة جدا فى هذا المجال، ولدى مكتبة لا بأس بها فى هذا الشأن، وكلما أمشى أخلق هذا الطريق فدائما اكتشف أشياء جديدة وأشياء مدهشة.

قلت إن هذا الكتاب موجه إلى الصغار الكبار أو الكبار الصغار، فماذا قصدت بهذا؟

كل طفل داخله إنسان راشد وهذا ما لا يدركه الكبار، وربما يكون مصدر ذلك هو الحس أو الحدس وتناقل الأفكار، أما الكبار الصغار فهم الذين نجحوا فى الاحتفاظ بالطفل الذى داخلهم وهذه منحة سماوية، أذكر هنا مقولة للرسام العالمى بيكاسو «كان على أن أرسم كل هذا، حتى أستطيع أن أرسم كطفل»، وكذلك الشاعر الإسبانى خوان رامون خيمينيث الحاصل على جائزة نوبل عام 1956، وهو أحد أعظم شعراء البشرية المعاصرين خاصة كتابه «أنا وحمارى» الذى أظن أنه كان إلهاما لكثير ممن كتب فى هذا المجال وأنا منهم، وأذكر أنه عندما عُرض عليه تحويل هذا الكتاب إلى كتاب للأطفال رفض تغيير النص معللا ذلك بقوله: «لا تغيروا فيه أى حرف، فالصغار يعرفون أكثر مما يظن الكبار عنهم»، وبالفعل صدرت للكتاب طبعة للأطفال بالنص الأصلى لخيمينيث، ولم يتغير فيها شىء عن الطبعة الموجهة للكبار سوى شكل الطبعة والرسوم، وبالنسبة لى فكنت واعيا أننى أكتب فى مجلة موجهة للأطفال فى المقام الأول وللكبار الذين يقرأون للصغار، ففى البداية كان عملا وظيفيا، حيث كنت فى أسرة تحرير مجلة «العربى» وطلب منى المساهمة فى «العربى الصغير»، لكن سرعان ما تحول إلى حب، وكنت أكتب هذه الحكايات فى البداية فى شكل مقالات قصصية ثم سرعان ما اتخذت كتاباتى الشكل السردى القصصى.

بدو قصة الشجرة فى حكاية « فندق الثعالب» أقرب لقصة ثأر من الملكة فيكتوريا؟

«يبتسم».. هذه القصة بها ثعلب خفى وهو الكاتب نفسه!، لأنه حاول أن يثأر من الملكة فيكتوريا التى أعتبر أنها من أفظع ملكات الاستعمار، ففى عهدها ظهرت حرب الأفيون فى الصين، وحرب البوير فى جنوب أفريقيا، وفى عهدها امتصت دماء شبه القارة الهندية لصالح الاستعمار البريطانى، كما أن هذه «الفيكتوريا» أطلقت اسمها على بحيرة وشلالات، واستخدمت فى هذه الحكاية واقعة حقيقية للسخرية من هذه الملكة، ومن قام بدور الساخر الأعظم هى الشجرة وكائنات كالثعالب، وهذه الشجرة بنت عليها الملكة فيكتوريا كوخا ليكون نزل الملكة لتمارس متعتها فى مراقبة الثعالب وهى مختبئة داخله، وما فعلته الشجرة هى أنها نفضت أوراقها فى الشتاء فأدركت الثعالب أن هناك كوخا فوق الشجرة فهربت من المكان وأفسدوا بذلك متعة الملكة فيكتوريا فى مراقبتهم.

ما سر هذا التعاطف الشديد مع الخنزيرة ناعومى فى حكاية «ناعومى طيرت نومى»؟

هذه قصة حقيقية مستندة لمعرفة علمية وخبرة مباشرة، وناعومى بطلة حقيقية وهى خنزيرة صغيرة تعرضت لليتم بعد عملية صيد جائر توفى على إثرها والدها ووالدتها، وخلال متابعتى للمطبوعات البيئية التى تصدرها «اللجنة الدولية للحفاظ على الحياة البرية» علمت بأمر هذه الخنزيرة وكانت هذه اللجنة تتبنى حملة «تبنى بجنيه واحد شهريا حيوانا صغيرا لحمايته من الانقراض»، وكانوا يعرضون نماذج مصورة للكائنات المعروضة للتبنى، وشاهدت عندها ناعومى، وبالفعل تبنيتها نظير مبلغ زهيد، وفى المقابل كانوا يطلعوننى باستمرار عن تطور حالة الصغيرة ناعومى، وفى إحدى المرات أرسلوا لى أن «ناعومى فى خطر» بعد أن هاجمها أحد الحيوانات، فالصغير عندما يفقد والديه لا يعرف من هم أعداؤه، وهى ببراءتها كانت تلهو مع أحد الحيوانات المفترسة فأصابها، فانزعجت بشدة وظللت أجرى اتصالات وأرسل خطابات للاطمئنان عليها حتى تحسنت حالتها.

ماذا عن حكاية البحيرة ذات اللون الأحمر؟

هذه البحيرة فى السنغال وشاهدتها فى آخر رحلة قمت بها وهى رحلتى للسنغال عام 2002، وهى بحيرة تبدو أنها مصبوغة بالدم وإن كان هو دم معاناة بشرية، ولها قصة مفصلة فى الكتاب.

البعض يعتبر أن الاهتمام بعالم البيئة الفطرية هو درب من دروب الرفاهية لاسيما فى عالم تعج به مشاكل البشر، فما رأيك؟

فى رأيى، إذا أردت التعرف على الفساد والمفسدين فى أى إطار سواء سياسيا أو أخلاقيا أو اجتماعيا فيجب أن نشاهد كيف يتعاملون مع البيئة المحيطة بهم، ستجدين أن كل المفسدين يسيئون للبيئة من حولهم بشكل مزعج سواء بتبوير الأرض أو القضاء على الغطاء النباتى، أو الصيد الجائر أو إهدار الموارد الطبيعية وعلى رأسها الماء من أجل الحصول على القوة المتمثلة فى الربح، فأعتقد أن الشعب الألمانى وكذلك اليابانى كشعوب متطورة يكاد يكون الحفاظ على الحياة الفطرية عندهم بمثابة الوسواس، وأقوى حزب للدفاع عن الحياة الفطرية موجود فى ألمانيا رغم أنها دولة صناعية متقدمة، وأذكر فى إحدى المرات خرجت من ميونخ حيث كانت هناك حقول فسيحة واكتشفت أن هناك تلالا رمالية وسط هذه الحقول الخلابة، وعلمت أن أنصار البيئة اكتشفوا أن بهذه التلال كائنات دقيقة مهمة لاستكمال سلاسل التنوع الحيوى فى هذا المكان، وخاضوا معركة شرسة مع السلطات حتى تكف يدها عن هذا التلال أو الاقتراب منها، فالدفاع عن الإنسان يكون بطرق متعددة منها الدفاع عن سلامة بيئته المحيطة، فلو دافعنا عن نقاء ونظافة الجزء الخاص بنا فى حوض النيل لجنينا الكثير من الفوائد سواء الآنية أو المستقبلية، وبالطبع نصطدم بقطاعات جائرة من المتربحين من أصحاب المصانع الملوثة للبيئة، فلو نظرنا إلى الاستثمارات فى مصر سنجد أن معظمها من نصيب السماد والحديد والاسمنت، وهذه صناعات يبعدها العالم المتقدم عن حدوده للحفاظ على درجة من السلامة، فالحفاظ على سلامة البيئة، وحب الطبيعة والدفاع عنها هو فى متن الدفاع عن الفقراء ومواجهة الفساد، وأضرب مثلا لذلك بكارثة شركات البترول فى نيجيريا، ومثال قريب فى مدينة المنصورة التى لا أعرف أى شيطان اختار ضفة النيل الشمالية ليبنى عليها مصنعا للسماد فأفسد الهواء فى أعز مكان فى هذه المدينة الكبيرة، فعند دخول المدينة من جهة حى توريل الذى كان راقيا نشم رائحة أبخرة النشادر المعروف تسببها فى الكثير من الأمراض الصدرية، فعندما ندافع عن نقاء النيل نبعد الشرور عن الفقراء، لذلك فحب البيئة ليس أمرا مفتعلا بل هو حماية للإنسان من الهلاك، وحب البيئة ليس قضية رومانتيكية ولكنها فى متن الأخلاق.

لماذا أضفت ملحقا للتعريفات فى نهاية الكتاب؟

هدفى أن تحب الناس هذا العالم وأعددته كى يستزيد القارئ بأخذ معلومات موجزة عن الكائنات التى وردت بالكتاب، ويمكن بعدها أن ينطلق من هذه المعلومات الموجزة إلى مزيد من المعرفة والبحث، أردت أن أقول «تعالوا للتعرف على هذا العالم والدفاع عنه».

من المنتظر صدور كتاب جديد لك خلال الفترة المقبلة وهو كتاب «جنوبا وشرقا»، عما يحكى هذا الكتاب؟

أعتز جدا بهذا الكتاب الجديد، ووجدت أنه مثير لى ككاتب وبه روح وثابة، وعادة لا يكون الكاتب متحمسا لإعادة قراءة عمله، إلا ما ندر، لما راجعته كنت مستمتعا به وبالتقنية وبالدأب والمغامرة التى يمتلأ بها، إضافة إلى أن أدب الرحلة الذى أهمله النقد الذى تجمدت أطرافه، لأن الأدب ليس فقط الرواية والقصة والمقالة القصصية والنص المسرحى والنصوص التراثية، أما اختزال الأدب فى دوائر الرواية والقصة والقصيدة فهو ضار للأشكال الأدبية نفسها، وهذا حتى تعبر عنه نظرية فى العلوم البيئية، فالتنوع البيئى مهم حتى فى عالم الحيوانات والنباتات، والتركيز على صنف واحد يمثل خطرا على هذه الأنواع، وأعتقد أن الله قد خلقنى لأسبب قلقا للقوالب النقدية، فأحيانا أكتب قصة أو نصا أو مقالا وأرى أن جميعهم ينتمى لعالم واحد، فالدنيا كلها تمثل عالما واحدا، ولكل كاتب عالمه الخاص، فالعالم عند دوستوفسكى مثلا هو عالم النفوس، وعند يوسف إدريس هو المسافة بين القرية والمدينة، وعند نجيب محفوظ هو الحارة، أما عالمى أنا فهو البيئة الطبيعية.

كيف يحظى الإنسان بسلام النفس؟

هذا أمر صعب، وأعتقد أنه يتحقق بأن يحاول الإنسان قدر الإمكان الاستغناء عما لا ضرورة له.

كتاباتك مليئة بعنصر الدهشة، رغم أن هذا العنصر أصبح عزيزا فى عالم الإنسان؟

هذا هو أخطر شىء يمكن أن يحدث، فإن لم أكن مندهشا بما أكتبه فلن أدهش أحدا، وعندها من الأفضل ألا أكتب، ولا أقصد هنا الإبهار ولكن غرض الدهشة هو إحماء الحس والوجدان لذلك رحلت إلى عالم النباتات والحيوانات، فعالم الإنسان يثير الاستغراب والتعجب ولا يثير الكثير من الدهشة ولكن يثير الكثير من الألم، «ساخرا» فهدانى الله لمصاحبة إخوانى من السحب والأشجار!

إلى أى مدى يمكن أن يؤثر توقفك عن رحلاتك وأسفارك على كتاباتك المقبلة؟

ـ نعم كففت عن الأسفار الواسعة، لكن لا تزال هناك أسفار أخرى مثل أسفار النفس والمحيط الصغير الذى أعيش فيه وأسفار أخرى عن طريق حب المعرفة.

حزب الدكتور زكريا - عماد الدين حسين - مقالات وأعمدة - جريدة الشروق

حزب الدكتور زكريا - عماد الدين حسين - مقالات وأعمدة - جريدة الشروق

أحمد بهاء الدين - جلال أمين - مقالات وأعمدة - جريدة الشروق

أحمد بهاء الدين - جلال أمين - مقالات وأعمدة - جريدة الشروق

السبت، 25 ديسمبر 2010

رباعيات مجهولة لشاعرنا الجميل صلاح جاهين

نقلاً عن جريدة الشروق 24/12/2010

فى ذكرى ميلاده التسعين: رباعيات مجهولة للعظيم صلاح جاهـين -

آخر تحديث: الجمعة 24 ديسمبر 2010 2:16 م بتوقيت القاهرة


شعبان يوسف -




وهناك تجربة ثرية وغنية وفى غاية الأهمية، وهى تجربة رئاسته لتحرير مجلة صباح الخير، منذ أواخر عام 1966، حتى أواخر عام 1967، وتظل المجلة نقلة نوعية، وكتب فيها مقدمات نثرية فاتنة، أزعم أنها لو نشرت ستضيف إلى النثر الفنى بعدا جديدا لحياتنا الإبداعية، وكان يكتب مقدمته تحت عنوان: «فى الفاضية والمليانة».. ودون إطالة، وفى ذكرى ميلاده التسعين أهدى القراء مجموعة من رباعياته الغائبة، التى حالت الظروف عن نشرها لأسباب سياسية مثل رثائه ــ مثلا ــ لشهدى عطية الشافعى، الذى داسته سنابك عسكر السلطان وقتلته، أو مثل هجومه على الأمريكان بعد هزيمة 1967، وحالت الظروف فى الثمانينيات دون نشر هذه الرباعية.. وإليكم هذه الرباعيات:

●أنا عينى شافت ساعة رملية
تنام تقوم ترتد مملية
ولقيتها ح تعيش عمر طال أو قصر
وح تنكسر.. تشبه تمام ليا
عجبى!


●اسكت على أمريكا واللى أصابها
فى ثلاثة م الرواد أعز شبابها
قال لى باخاف من خنجرى وأنا شايله
دى القوة يا ما بتجنى على أصحابها
عجبى!


●الصيف روايحه يا جدع هلت
من بعد م الناس م الشتا ملت
والناس دى يا ما اتلهفت ع الشتا
وما جاش.. لحد ما نصفها اتدلت
عجبى!


●أمى قالت لى كون رحيم القلب
لا تشد ديل قطة ولا تهين كلب
بس النهارده قالت لى خد سونكى
واجعل دما الصهيونى تشلب شلب
عجبى!


●فاتح عينيا للخطر ع الآخر
قدرت أشوف وسط المحيط الزاخر
وسط الظلام والضنك بارق أمل
بيبص للأهوال ويضحك ساخر
عجبى!


●دايره.. ودايره ودايره من غير كلال
وكل شىء له رجعة يابن الحلال
يتوفى جدك.. تولده حرمتك
زى القمر ما يعود فى هيئة هلال
عجبى!


●رقعوا الستارة مرة تانية يا «روز»
وناس كتير يسقفوا ويهتفوا
تمثالك الصامت بيضحك بفوز
نجحتى.. والمتفرجين اتصفوا
عجبى!


●آه.. اكتشفت عرفت شفت لقيت
آه.. يا نظاجة دلع ما رأيت
أمد ايدى.. أردها.. احترت أنا
أنا اللى لو فكرت.. ابقى اتشاقيت
عجبى!

●النوم قيود والجسم مغلول بها
غلاب غلب ع العين يا غلبها
فيه ناس بتشكى قلة النوم وأنا
باشكى الدقايق اللى باغفل بها
عجبى!


●آن الآوان ورميت على الشط هلب
ورسيت أن من بعد توهان وغلب
شفتك يا إنسان مهما تنهان عظيم
والكلب مهما تكرمه برضه كلب
عجبى!


●معاتيه فى تيه العشق هايمين هيام
رايحين وجايين وفى الشوارع نيام
الحب حلم وبس.. وإلا بصحيح
والدنيا حلوة وشمس.. والأغيام
عجبى!


●نحلة عسل ضربتنى إبرة عسل
صبحت عاشق يذكروه فى المثل
وضربنى دبور سم ضربة زبان
من الحنان والحب قلبى اتغسل
عجبى!


●ابنى با شوفنى كل ما انظر إليه
بابص زى اللص من بين عينيه
وبابص فى عينيا باشوف ألف حد
مخاليق تسد الشمس.. شوف قد إيه
عجبى!


●قتلوه من التعذيب وقالوا انتحر
فكرت لحظة وقلت آه يا غجر
لو جنسكم سبناه يعيش فى الحياة
اللى انتحر.. راح يبقى جنس البشر
عجبى!


انفندق الباب للعذاب الهبوب
الجرح سور منخوب وملقف كروب
من بعد نومتى بجرحى فى سرير مريح
عجبى على المجاريح فى وصل الحروب
عجبى!

الجمعة، 24 ديسمبر 2010

استغلال المُتاح

أعجبني حديث د.علاء الأسواني ذات ليلة في لقائه الشيق بالرائعة منى الشاذلي عن معرض الكتاب الدولي وعن عجائب ما يراه خلال الندوات التي يقيمها المعرض (الحكومي) فمن الملاحظ أن أي معرض تنظمه جهة حكومية في بلدنا العزيز مصر لابد أن ترى فيه عجب العجاب من مظاهر الفوضى والعشوائية ، وشاء حظي- السعيد - وقتها أن اشهد عجائب مشابهة لما رواه يومها عن الشعب المصري الغلبان واستغلال المتاح .
والتجربة كما سأريوها باختصار أني أعمل (بعقد مؤقت)في إحدى الجامعات الاقليمية و حاصلة على مؤهل عالي (ليسانس آداب شعبة عبري من جامعة القاهرة ، والحمد لله ملمة باللغة الانجليزية لدرجة كبيرة) وفي إطار عملي في إحدى المكاتب الرئيسية وهو مكتب نائب رئيس الجامعة نظمنا معرضاً لجامعات من خارج مصر وبالتحديد من جمهورية الصين الشعبية وبطبيعة الحال كل جامعة صينية مخصص لها ركن تعرض فيه هدايا تذكارية ( أقلام جاف ملونة وميداليات وفيكس وادوات تزيين المكاتب ) وكتيبات كدعاية لجامعاتهم لتحفيز الطلبة المتفوقين للدراسة
و للتقديم بالمنح العلمية التي تقدمها تلك الجامعات ، وكنت متواجدة للتعرف على السادة المندوبين و برامج الدورات التدريبية التي تقدمها جامعاتهم و رأيت من زملائي الأفاضل ما لم أتوقعه -- فأنا والحمد لله اكتفيت فقط ببعض الأشياء الرمزية (ميدالية ونشرتين كدعاية لجامعتين من أصل 20جامعة أو اكثر )- وهالني ما رأيت ، رأيتهم بنهم غير عادي يجمعون كل مايستطيعون جمعه من كتيبات ونشرات (لاتلزمهم نهائياً )و أقلام و ميداليات ، ورأيتهم خارجين كل 1\2 ساعة كل واحد منهم يحمل بيديه الاثنتين كيساً قماشياً كبيراً ممتلئاً على آخره بالأقلام والكتيبات
و الميادليات ، ما أدهشني هو أنهم غير مبالين أبداً بنظرة الأجانب لنا كمصريين (في نهاية اليوم كانت الحصيلة لاثنين من زملائي حولي 4 أو 5 أكياس )، هذا غير ماحدث وقت البريك من انقضاض على المأكولات و كل واحد يحمل في حقيبة ما يستطيع حمله لأبنائه في البيت .
إنني أندهش أكثر من تصريحات المسئولين وسياسيي الحزب الوطني من تغطية بعض الأحداث التي تقع في مصر تسيء لسمعتها ، وهل مثل هذه المهازل والسلوكيات السلبية - والتي للأسف الشديد اصبحت ظاهرة عامة - لا تسيء لسمعتنا كمصريين .
ترى من المسؤول عن المهازل التي تحدث باسم استغلال المتاح ، لقد تملكني الخجل وانا أرى ما يحدث ولأخفف عني أثر الصدمة تذكرت ما رواه د.علاء ورغم استيائه ودهشته من مثل هذه السلوكيات إلا أنه كان يرويها باسلوب به خليطاً من الكوميديا مع التعاطف مع الناس الغلابة الذين لا ذنب لهم سوى انهم ليس لديهم وسيلة اخرى للاستمتاع بالحياة سوى الذهاب للمعارض التي تقدم لهم هدايا ووجبات مجانية .
لذا اكتفيت وقتها بالمشاهدة في صمت و ابتسمت .

أليس فينا شخص واحد رشيد؟ - جلال أمين - مقالات وأعمدة - جريدة الشروق

أليس فينا شخص واحد رشيد؟ - جلال أمين - مقالات وأعمدة - جريدة الشروق

ديسمبر عاد من جديد د.أيمن الجندي - المصري اليوم

ديسمبر عاد من جديد

لذعة البرد الجميلة فى الهواء، والدفء الداخلى الذى نستشعره، وشمس الشتاء الفضية نفرح بها حين نراها.

مرحبا بالشتاء.

ولكل واحد منا فصله المفضل فى العام. بالنسبة لى فالأمر محسوم، إنه الشتاء بلا مناقشة. لا أطيق حر الصيف اللزج، ولا زوابع الربيع الرملية ولا حيرة الخريف المتردد؛ ولذلك تجدنى من عشاق الشتاء القدامى المخلصين.

فى الشتاء تولد قصص الحب العظيمة التى تختلف عن عبث الصيف وعرى الشواطئ، وتغنى فيروز للعاشقة التى نسيها حبيبها القاسى وابتلت بالمطر، ينخرط الكون فى ملحمة عشق مدهشة، ترسم السحب فى إصرار وجه الحبيبة، وتنقر الأمطار أسماء العاشقين الجدد، بعدها تشرق الشمس وتمحو الأسماء بسرعة.

وإذا سقط المطر فأول ما أصنعه هو أن أرتدى أجمل ثيابى وحذاءً لامعا، أنثر العطر على وجهى وملابسى ثم أهرع إلى الحديقة الخالية - إلا من المجانين أمثالى - لأشارك الطبيعة فى الاحتفال بالشتاء، رقصة الشجر المغسول مع الرياح، رجفة الزهور نشوة وعشقا، رائحة الأرض المبتلة، أتلصص على أسماء العاشقين الجدد باحثا عن اسمى بينهم، وينخرط قلبى فى صلاة كونية، ولا أدرى هل كان البلل فى عيونى مطرا أم دموعا؟!

أحتضن فنجان القهوة الساخن براحة يدى المثلجة، أرشفه ببطء، أرشفه بحب، أرشفه بتؤدة.

«شىء ما فى طعم القهوة يذكرنى بك

ذلك الحزن

تلك الكثافة

هذه النكهة/ السحر/ الطقوس

خفقان قلبى بعدها

حميمية اللحظة

وتلك اليقظة الموجعة فى عالم الروح

لذلك أتذكرك كل مرة»

ديسمبر ٢٠١٠

عبر زجاج النافذة شرعت أتطلع إلى سماء ديسمبر الرمادية التى تتهيأ للأمطار، كان الطريق مكتظا بطلاب المدارس الثانوية ذوى الزى الموحد، ومنذ ثلاثين عاما كنت أحدهم.

ديسمبر ١٩٨٠

كان عمرى وقتها عمر الزهور، وكان ديسمبر يفوح بعبق حب، رائحته أزكى من الورد النضر. اكتشفت أننى أحبها فى إحدى ليالى ديسمبر، كانت تتحدث فى الطريق مع أحد أصدقائى، اشتعلت فجأة بالغضب والغيرة، ولم أشعر بنفسى إلا وأنا أجذبها فى حزم من معصمها إلى منزلها. رمقتنى فى غضب، ثم فى دهشة، وما لبثت أن ابتسمت.

المطر والشتاء، المعاطف الثقيلة والخطوات المسرعة، والأيدى الباردة والقلوب الدافئة، والبرد الجميل يدفعنى لأن أسرع الخطى، وأنا أتجول حول منزلها كحارس مخلص. هى تقف فى الشرفة وعيناها تلمعان، تنطقان بحب الحياة، فتاة فى السادسة عشرة تتساءل عن حظها فى الحياة وتحلم.

يتملكنى دوار الحب الأول، لم تكن الطرقات قد ازدحمت بذلك العدد من الناس فى هذا الزمن البعيد، كانت الأرض بكرا والدنيا قليلة العدد، والهاتف مكون من أربعة أرقام فحسب، وحينما كنت أحدثها كانت تطرق فى عذوبة وحياء، وإذا التقت عيوننا تضرجت وجنتاها، ولا أذكر أننا تصافحنا أبدا.

أعود إلى منزلى فى الحادية عشرة مساء لأتلقى تأنيب أمى مبتسماً، أدلف إلى الشرفة المُنَدّاة بندى ديسمبر، أرسل سلامى إلى الطرقات المغسولة بالأمطار، وأتعرف على رائحة الهواء ذات الشجون، وأرنو إلى نافذتها الموصدة بحب، ثم أنام.

ديسمبر ٢٠١٠

لكن ذلك كله قد تغير!

هى تزوجت وأنجبت ثلة من الأطفال الذين التحقوا بذات المدرسة، ازدادت وزنا وامتلأت شحما ولحما، واغتربت عن وجهها القديم.

وأنا، صار وجهى بليدا كروحى، ولم أعد أعرف نفسى كلما تطلعت إلى المرآة، وديسمبر صار شهراً مزعجاً، تكثر فيه نزلات البرد وآلام الركبتين.

كل شىء قد تغير إلا ذلك المشهد الجميل، الطلبة الذين يتدافعون فى الطرقات مبتهجين بهطول الأمطار، يتمايلون على إيقاع داخلى بدائى يشبه رقص أجدادهم لجلب الأمطار.

عبثا ما أفتش الآن عن وجهها القديم وسط مئات الوجوه الناعمة التى ترتدى ذات الزى الجميل الذى طالما ارتديناه، عبثا ما أفتش عن وجه غاب منذ ثلاثين عاما.

السماء تتهيأ كى تمطر. لحظة حزن شتائى مفاجئة غمرت قلبى سلاما. أفتح النافذة وأرمق الطلاب وهم يتعابثون فى مرح ويحتمون بمداخل المنازل من الأمطار المتساقطة، مثلما كنا نصنع منذ ملايين السنين الضوئية.

المطر يتساقط برشاقة على النافذة التى أحتمى بها، يذكّرنى بأيامى القديمة، حينما كان ينقر على رأسى - وأنا أرنو إليها بعينين متسعتين- فلا أشعر به. وهى تقف فى شرفتها يغمرها المطر الطهور بشعر مبتل ووجه مغسول وشفاه منفرجة وتنظر نحوى كالمسحورة، نملأ صدورنا بهواء بكر مغسول استنشقناه سويا.

ديسمبر ٢٠١٠

رائحة المطر هى هى، رائحة ديسمبر أعرفها جيدا. لكن شيئا ما لم يزل ناقصا. أسطح السيارات - كالعهد بها - تلمع بها آلاف اللآلئ من قطرات المطر تضيئها أشعة الشمس التى تتسلل برفق من خلال السحاب الرمادى المتناثر. والطرقات مبتلة مغسولة، وكل شىء كما هو إلا شيئا واحدا لم أزل أفتقده. شيئا بمثابة الروح.

رفعت بصرى قليلا فتجمدت من الدهشة، لم تكن حبيبتى تقف أمامى فى نافذة قريبة، ترنو إلى المطر فحسب، وإنما كنت أنا هناك أيضا أقف على النافذة المقابلة.

شابان فى عمر الزهور - عمر أبنائى - يتطلعان معا بشعر مبتل وعيون حالمة وشفاه منفرجة إلى مطر ديسمبر، وهو يتساقط بنغم موسيقى يبوح بسر لا يفهم رموزه المسحورة أحد غيرهما.

أوصدت النافذة وأنا أبتسم..

ديسمبر...

ما أجمل أن يعود من جديد!

الخميس، 2 ديسمبر 2010

امسك عريس

عريس يابوووووي
ا ريت ماتفهمونيش غلط وتقولوا دي عقد عوانس ، صدقوني الحاجات دي بتحصل كل يوم مع بنات كتيير الفرق بيني وبينهم اني أكثر جرأة بس و الله انا نيتي حلوة مش اكتر من تنبيه : خلوا بالكوا يا بنات من النوع ده من الشباب
في أول لقاء جمعني بيه في تعارف تقليدي جداً بصلي بخبث وقال: انا شفتك قبل كده .رديت بمنتهى البراءة :مش فاكرة بجد امتى وفين فكرني ، مش انتِ اللي كان شعرك اسود وناعم وطويل وكنت بتسافري على طول للجامعة أظن كنتي في جامعة القاهرة . برافو عليك ( وبيني وبين نفسي قلت يابن الناصحة دا انت مراقبني( ماخبيش عليكو الكلام دا أرضى غروري وقلت بس دا مهتم بيا و اكيد الصنارة غمزت ، والمصيبة ان اللي حواليا افتكروا كده برضه
عدا يوم وشهر وسنة واتنين و العريس فص ملح وداب ولما حد نكشه عن الموضوع رد الذكي وقال: انا مش قد البنت دي ومستوى عيلتها ، يا سيدي كتر خيرك وكل شيء نصيب ، لكن الغريب أنه بعد 3 سنين طلب انه يشوفني تاني وقال اني من أحسن البنات اللي عرفهم في حياته_ يا سيدي شكراً _ أخجلت تواضعي عالآخر ، ويظهر اني كنت صعبانة عليه يعني بنت داخلة على الثلاثين وماحدش معبرها يبقى هو أولى بالثواب و اهو جبر الخواطر على الله ،و في المقابلة التانية لقيته زي ماهو نفسااللون الجميل والقامة الساحرة _الحال من بعضه احنا الاتنين أقزام لا تعايرني ولا اعايرك_ وكان اللقاء في السينما (تيموروشفيقة وفي الجزء التاني من الفيلم طلب يقعد جنبي ، ياحبيبي! وماله و لأنه شاب بيخر رومانسية قعد يهمس بكلام ماسمعتوش لأني _ كنت مركزة في الفيلم اوي هو حد يسيب احمد السقا و يبص لحد تاني_ المهم لقى الكلام مافيش فايدة منه حاول يمسك ايدي و من هنا كانت النهاية لقصة لسه مابدأتش بعدت عنه وقلت له لو سمحت عايزة اتفرج و مش وقته خالص ، انا كده غلطانة و بعدين احنا لسه يادوب بنتعرف ، بس يظهر اني بكده جرحت مشاعره وحسيت انه اتكبس وكان شوية شوية حايعيط !!!يظهر انه تخيل لوهلة انه أحمد السقا واللي جنبه منى زكي ، مع احترامي للاتنين!
مافيش داعي اكمل لأن اكيد عرفتوا النهاية طبعا اشتكاني لمعارفنا و حكى اللي حصل مع بعض التحوير و كان مستغرب اني اتعامل معاه كده مع ان فيه بنات كتير كل يوم بينتحروا عشان اتمنوا منه مجرد نظرة ويا حرام مطالوهاش ، هو انا اي حد دا انا مهندس محترم والعمال بيترعبوا مني في المواقع _ يظهر انه استغرب ازاي انا ماترعبتش _ و لأني بطبعي متفائلة قلت لنفسي خيرها في غيرها
ودي كانت صفحة من مذكراتي التي تحمل عنوان مذكرات عانس
باي باي

الأربعاء، 1 ديسمبر 2010

لماذا فاز الحزب الوطني؟

فاز الحزب الوطني فوزا ساحقاً ، لماذا ؟ وماذا بعد الفوز؟

لا تبالغوا ارجوكم وتقولوا تزوير ، هو حدث فعلاً لكن هناك اسباب أخرى منها عدم إجماع المصريين على فشل سياسات هذا الحزب رغم كل مظاهر التردي التي طغت على كل جوانب حياتنا سواء في التعليم في الثقافة في الخدمات الصحية ... . كيف لا ينجح والجو مهيء له ومفروش بالورود ؟ والدليل على سبيل المثال أن في الإسماعيلية الناس أجمعت على مرشح الحزب الوطني " محمود عثمان " لدرجة أن شقيقتي ذهبت لتنتخبه وعادت إلى بيتها سعيدة وكأنها فعلاً أدت واجبها الوطني ، لم تصدر شكاوى عن التزوير إلا في نطاق محدود .. وعندما احتج ممثلي المعارضة الناس ردت وقالت : هو شفنا منكم خير لما اختارناكوا الدورة اللي فاتت يا ولاد ال..!

عائلتي كلها - للأسف الشديد- ترى أن الحزب الوطني أفضل من غيره وأن المعارضة والإخوان لم نلمس من وجودهم في البرلمان اي تحسن في أي مجال ، وهم يتجاهلون أيضاً فشل الحزب الوطني هو الآخر في تحقيق تحسن في حياة المصريين طوال 30 عاما (وكأنهم بيقولوا قضا أخف من قضا واللي مالوش خير في الوطني مالوش خير في غيره !!) .

وهل نسي من ذهب لصناديق الاقتراع أن التعديلات الدستورية وما أقرته من غياب للإشراف القضائي على لجان الانتخابات والقوانين التي صاغها الحزب مؤخراً من منع التصوير داخل اللجان ، والتأخر المقصود في استخراج التصاريح لمراسلي القنوات الفضائية، ومنع الرقابة الدولية بحجة الحفاظ على السيادة ،و تشديد الرقابة على وجود ممثلي منظمات المجتمع المدني وجمعيات حقوق الإنسان غير التابعة للحكومة ، ومنع دخولهم إلى اللجان بشتى الوسائل المشروعة وغير المشروعة كل هذا يهيء الجو للتزوير وأعمال البلطجة والعنف ضد الناخبين والمرشحين ..

ما أدهشني فعلاً هو أن رئيسي في العمل قبطي وأيضا ذهب ليعطي صوته لأحد مرشحي الوطني - فالقاعدة العامة هي إن أظهرت ولائك للحزب الوطني ضمنت الحفاظ على منصبك بل أيضاً ضمنت الترقي والوصول إلى المنصب الأعلى إن أردت - هذا رغم أنه لم يمر يومان على حادثة كنيسة العمرانية ، والتي أظهرت لنا بوضوح أن الحزب والحكومة قد تخليا عن دورهما تجاه هذه المسائل الحساسة ، وواضح ايضاً أنهما تفرغا لصياغة القوانين التي تحمي النظام وفقط وأهملت ـ وبشكل مفضوح ـ ملفاً غاية في الأهمية بالنسبة لبلدنا ، ولو أنهما بذلا ولو جهداً قليلاً لصياغة ووضع قانون يحمي الأقباط والمصريين جميعاً - وهو قانون المساواة في الحقوق بالنسبة لبناء دور العبادة - ما كانت وقعت أحداث الشغب المؤسفة التي تسببت في مقتل اثنين وحبس 157 مواطن قبطي .

الغريب أننا كشعب تغيرنا فقد نجحت السياسات العقيمة في تفريقنا وإثارة مشاعر الإحباط والغضب تجاه بعضنا البعض بدلاً من نتوجه بمشاعرنا هذه تجاه من ظلمنا كلنا وأفسد علينا حياتنا ، حتى اني سمعت ممن حولي اعتراضات على مسألة حق الأقباط في بناء كنائس ومبان خدمية .. لماذا ؟ أليسوا مصريين ولهم مثل ما لنا وعليهم مثل ماعلينا .. ألم نحارب سوياً عدوا واحدا في حروبنا ، وتشاركنا في هم واحد ، ألا تجمعنا في أعيادنا وأعيادهم مشاعر الحب وتبادل التهاني والزيارات .. أليست الكنائس دور عبادة لها قدسيتها واحترامها ؟ أليست جزء من تاريخنا ؟ هل لهذه الدرجة أستسهلنا التفريط في تراثنا وحضارتنا اللذان يصنعان هويتنا ؟

ما المتوقع إذن من نواب المجلس القادم في ظل تفرقنا ؟ وما شكل الحياة السياسية في مصر خلال الأعوام القادمة؟ هل من المنتظر من نواب أقدموا على فعل هذه الجرائم للوصول إلى المجلس أن ينشغلوا بشئون المواطنين البسطاء ؟ هل نتوقع منهم وضع خطط وبرامج تنقذنا من البطالة وارتفاع الأسعار وإنقاذ اقتصادنا وإخراجه من غرفة الإنعاش ؟

وكما بدأت بسؤال أجدني مضطرة لأن أختم بسؤال : كيف ننقذ أنفسنا وبلدنا ؟

سؤال إجابته مستحيلة ، فنحن كمصريين لن نستطيع أن ننجو بأنفسنا وبلدنا إلا إذا اتحدنا على أن تحقيق الديموقراطية والعدالة والحرية يتطلب إرادة قوية وإجماع منا جميعاً على هذه المطالب حتى لو تطلب الأمر أن نقدم أرواحنا ونفوسنا في سبيل هذه المطالب .

ألا ترون معي أن الأمر أقرب للمستحيل إلا إذا توفرت داخلنا رغبة الاستشهاد ؟


الأحد، 28 نوفمبر 2010

اجري ياااااا

المشهد اللي شفته النهارده لأنصار جميلة اسماعيل المرشحة المستقلة عن دائرة قصر النيل وهم في مواجهة مع بلطجية السيد هشام خليل والأمن بيفكرني باليوم الماساوي اللي تمت فيه التعديلات الدستورية الأخيرة - اللي انا متأكدة انها أسوأ تعديلات حصلت في دستور بلدنا -كانت مهزلة وواحد من بلطجية الحزب الوطني هددني انا وواحدة صاحبتي بعد ما علم لي على استمارتي واجبرني اني أضعها في الصندوق ، طبعا انا خفت لأن شكله كان مرعب كل اللي عملته اني منعت صاحبتي اللي كانت ساعتها لسه بتجيب بطاقتها من العربية فكانت بره المدرسة خالص ـ اللي فيها اللجنة - وهي راجعة كنت انا خلاص اتزورت واتزيفت إرادتي ـ قلت بدل ما تكون خيبتين نخليها خيبة واحدة ، فصرخت وناديت عليها : ارجهي يا ياسميييييين بقوللك اجري اجري يا ياسمين بيزوروا إرادة الناس الراجل طبعاً كان لسه وقتها قريب مني بيحاول وهو في الطرقة خارج اللجنة يصطاد كام مغفل زيي يضحك عليه وفعلاً جري ورايا ، والغريبة اني سبقته لأن اتضح لي ساعتها ان عنده إعاقة في رجله ، وقعدت أقول لازم ابلغ عنه البني آدم ده ، بس طبعاً مابلغتش أبلغ عن مين ولمين ؟، اذا كان هو بيعمل كده بأوامر من الحزب يبقى طبعاً مسنود ،طبعاً يومها روحت وانا مفروسة ، اللي فرسني أكتر اني شفته الراجل ده كثير وطلع من موظفي الجامعة عندنا في الإسماعيلية بس الحمد لله في إدارة تانية بعيدة عني ، بس لغاية ماموت عمري ما حانسى اليوم ده ، فعلاً كان يوم اسود ....